تعدد المؤذنين

تعدّد المؤذنين

 

تعدّد المؤذنين

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن وآلاه. أما بعد:

فقد اتّفق الفقهاء على جواز تعدّد المؤذنين في المسجد الواحد1، والمستحب عند الشافعية والحنابلة أن لا يزيد عن اثنين2 لأن الذي حفظ عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه كان له مؤذنان، بلال, وابن أُّم مكتوم الأعمى- رضي الله عنهما-.

إلا أن تدعو الحاجة إلى الزيادة عليهما فيجوز، فقد روي عن عثمان-رضي الله عنه- أنه كان له أربعة مؤذنين3.

وإن دعت الحاجة إلى أكثر من ذلك كان مشروعاً، إلا أن بعض فقهاء الشافعية يرى عدم الزيادة على أربعة، وقد ردّ هذا القول النووي وغيره. قال النووي:" وأنكر المحققون هذا … وقالوا: إنما الضبط بالحاجة ورؤية المصلحة… لأنه إذا جازت الزيادة على ما كان في زمن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-للحاجة، فالزيادة على ما كان في زمن عثمان للحاجة أولى"4

إذا كان أكثر من مؤذن في المسجد الواحد فكيف يكون أذانهم: إذا كان الواحد يُسمع الناس، فالمستحب أن يؤذن واحد بعد واحد، وذلك لما يلي:

1-              أن مؤذّني النّبيّ-صلى الله عليه وسلم-كان أحدهما يؤذن بعد الآخر5.

2-              أن ذلك أبلغ في الإعلام6.

3-              أن فيه فائدة إدراك حكاية المؤذن الثاني لمن فاته الأول، فيحصل له الأجر7.

 وإن كان الإعلام لا يحصل بواحد، أذّنوا بحسب ما يحتاج إليه، إما أن يؤذن كل واحد في منارة أو ناحية، أو أذّنوا دفعة واحدة في موضع واحد، وإن خافوا من تأذين واحد بعد الآخر فوت أول الوقت أذّنوا جميعاً دفعة واحدةً8. ولكن يشترط إن أذّنوا جماعة أن يؤذن كل واحد منهم لنفسه من غير أن يمشي على صوت غيره9. فإن الأذان جماعة على وتيرة واحدة بدعة، وهو ما يسمى بأذان الجَوْق10لأنه مستحدث مخالف للسنّة، وأول من أحدثه هشام بن عبد الملك11.

مفاسد أذان الجَوْق:

1-              مخالفة السنّة.

2-              أنه لا يسمع ولا يفهم السامع ما يقولون.

3-              من كان من المؤذنين صيتاً حسن الصوت وهو المطلوب في الأذان خفي أمره.

4-      الغالب على بعضهم أنه لا يأتي بالأذان كلّه، لأنه لا بدّ أن يتنفس فيجد غيره قد سبقه فيحتاج إلى أن يبني على صوت من تقدمه فيترك ما فاته. وفي العصر الحاضر ومع وجود مكبّرات الصوت، فإن الغرض من تعدّد المؤذنين تغني عنه هذه المكبّرات، التي توزع صوت المؤذن في جميع الجهات12.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد

والحمد لله رب العالمين،،،


 


1 – راجع: فتح القدير(1/249).س

2 – المهذب مع المجموع(3/129-130)، والمغني(2/89).

3 – التلخيص الحبير(1/522).

4 – المجموع(3/130).

5 – المغني(2/89).

6 – المهذب والمجموع (3/130-131).

7 – مواهب الجليل(1/453).

8 – المجموع (3/130-131).

9 -مواهب الجليل(1/453).

10 – الجوق: كل خليط من الرعاء أمرهم واحد، وهو أيضاً الجماعة من الناس. لسان العرب(2/424).

11 – كتاب الأم(1/84).

12 – راجع: أحكام الأذان والنداء والإقامة ص(278).