نداء إلى من هجر مسجدنا

نداء إلى من هجر مسجدنا

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فيا من غاب عن الساحة، إلى من يحمل قلباً ملأه الخير، إليك أخي الحبيب: أخاطب فيك قلباً طالما خشع لربه سبحانه. أخاطب فيك حساً مرهفاً، نعم إنك تحمل قلباً لا ككل القلوب، أعلم أنك تحب مكارم الأخلاق، وأعلم أنك تحب الصدق مع كل الناس حتى مع نفسك، نعم، تحب الصدق حتى مع نفسك، وإن الصدق ليهدي إلى البر، وإن البر ليهدي إلى الجنة.

إلى من فقدناه في المسجد .. إليك أخي الحبيب: أحمل قلمي ومحبرتي، وأسطر هذه الكلمات عل الله أن يكتبها في ميزان الحسنات.

أخي الحبيب: يا من فقدناه في المسجد .. إن رحمة الله قريب من المحسنين فكن منهم، إن الله يحب المتقين، فكن منهم، إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فكن ممن أحسن.

أخي: إن جماعة مسجد ليتساءلون، وإن حيطان المسجد لتنتظر، وإن مصلاك لخالٍ ينتظرك، نعم ينتظرك أنت.

أما علمت أن ربك العظيم الغني الحميد يستزيرك، فهل تعرض عن زيارته، ألا تسمع مناديه كل يوم وليلة خمس مرات يناديك: “حي على الصلاة، حي على الفلاح” .

فقل لبلال العزم إن كنت صادقاً أرحنا بها إن كنت حقاً مصلياً

أما سمعت قول الله تعالى: وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ (سورة البقرة:43)، أما علمت أن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر، أما علمت أن نبي الله همَّ أن يحرق بيوت بعض من تأخر عن الصلاة في الجماعة، أما علمت أن صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاة الفرد بـ 27 درجة؟ أما سمعت قول ابن مسعود : “لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق قد علم نفاقه” فأين أنت من زيارة بيت ربك الذي خلقك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك؟ أين أنت من زيارة ملك الملوك .. ما ذا تنتظر؟

 

أتنتظر الموت ليأخذك على حين غرة؟ ثم تقول: رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ (سورة المؤمنون:99-100) ماذا تقول: أتقول: يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (سورة النبأ:40)، أم تقول: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ (سورة الحاقة:25). أما تعلم أن ربك – وهو أغنى الأغنياء – يفرح بتوبة عبده فرحاً عظيماً يليق بجلاله وعظمته، أما تعلم أن ربك أرحم بك من الوالدة بولدها، ومن رحمته بك أن كوَّنك من نطفة قذرة حتى أصبحت رجلاً، وجعل لك السمع والبصر والفؤاد ثم قال: كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (سورة الإسراء:36). والله إن القلب عليك ليحزن، وإنا على فراقك لمحزونون، نريد أن نرى صفحة وجهك المشرق معنا في بيت الله، نريد أن تكثر سود المسلمين بين يدي الله، نريد لك خيري الدنيا والآخرة، نريد لك حياة السعادة والطمأنينة أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (سورة الرعد:28).

نريد لك بعداً عن ضيق الصدر، وعن الهموم والمصائب والأحزان، وأن لا تكون كمن قال الله فيهم: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (سورة طـه:124-126).

لا أحسبك إلا مستجيباً لهذه النداءات من أحبابك جماعة المسجد, فالحق بنا على ركب الهدى، وقائد هذا الركب هو محمد بن عبد الله ، وأفراد هذا الركب هم كل خير حمل القرآن والسنة منهجاً وديناً. أخي الحبيب: الله الله في الصلاة فإنها كانت آخر وصية أوصى بها المعصوم ، إن قلبي ليتمزق، وإن عيني لتذرف، ويعلم الله عن أحوالنا التي لا نشكوها إلا له سبحانه، ولكن هيا بنا، نعم هيا بنا إلى روضة من ضياء، وإلى قبس من نور، إلى حيث البر والإحسان، وإلى حيث الخشوع والإذعان، إلى بيت ربنا .

إلى الله نادى منادي الرحيل فهبوا إلى الله يا أوفياء
وسيروا على بركات الإله فإن الإله جزيل العطاء

أخي الحبيب: وفي الختام نريد أن نراك.. نعم نريد أن نراك في مسجدنا، فلا تحرمنا رؤياك، وإلى لقاء قريب بإذن الله في روضة المسجد إن شاء الله تعالى1 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,


1 من موقع “كلمات” بتصرف.