صلاة مكشوف الرأسِ

 

 

 

صلاة مكشوف الرأسِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن صلاة حاسر الرأس تجوز إذا كان رجلاً، والرأس عورة من المرأة دون الرجل، ولكن يستحب أن يكون المصلي في أكمل اللباس اللائق به ومنه غطاء الرأس بعمامة أو قلنسوة أو (طاقية أو عرقية)، ونحوه ذلك مما اعتاد لبسه. فكشف الرأس لغير عذر مكروه ولا سيما في صلاة الفريضة، ولا سيما مع الجماعة.1

قال الألباني: (والذي أراه: أن الصلاة حاسر الرأس مكروهة، ذلك أنه من المسلَّم به: استحباب دخول المسلم في الصلاة في أكمل هيئة إسلاميّة للحديث: (فإن الله أحق أن يُتَزَيَّن له)2،

وليس من الهيئة الحسنة – في عرف السّلف – اعتياد حسر الرأس، والسيّر كذلك في الطرقات،والدخول كذلك في أماكن العبادات، بل هذه عادة أجنبيّة تسرّبت إلى كثير من البلاد الإسلاميّة حينما دخلها الكفار، وجلبوا إليها عاداتهم الفاسدة، فقلّدهم المسلمون فيها، فأضاعوا بها وبأمثالها من التقاليد شخصيتهم الإسلاميّة. فهذا العرض الطاري3

لا يصلح أن يكون مسوغاً لمخالفة العرف الإسلامي السابق، ولا اتخاذه حجة لجواز الدخول في الصّلاة حاسر الرأس.

وأما استدلال بعض إخواننا من أنصار السّنة في مصر على جوازه قياساً على حسر المحرم  في الحج فمن أبطل قياس قرأته عن هؤلاء الإخوان، كيف والحسر في الحج شعيرة إسلامية،

ومن مناسكه التي لا تشاركه فيه عبادة أخرى، ولو كان القياس المذكور صحيحاً للزم القول بوجوب الحسر في الصلاة لأنه واجب في الحج، وهذا إلزام لا انفكاك لهم عنه إلا بالرجوع عن القياس المذكور، ولعلهم يفعلون).4 ولم يثبت أنه   صلّى – في غير الإحرام – وهو حاسر الرأس دون عمامة، مع توفّر الدّواعي لنقله أو فعله، ومن زعم ثبوت ذلك فعليه الدّليل، والحقّ أحق أن يتّبع.5

ومن الجدير بالذّكر أن صلاة الرجل حاسر الرأس مكروهة فقط، وإلا فهي صحيحة كما أطلقه البغوي وكثيرون. 6 فامتناع العوام عن الصلاة خلف حاسر الرأس غير صحيح، نعم هو أولى المصلين بأن تتوافر فيه شروط التمام والكمال، وأن يكون وقّافاً ملتزماً بسنة النبي  .7

وقال الكاساني: “وكانت الصلاة متعمماً أفضل من الصلاة مكشوف الرأس لما أن ذلك أبلغ في الاحترام”.8 وسئل الشيخ الفوزان عن حكم تغطية الرأس في الصلاة؟ وهل كان النبي   يغطي رأسه؟ وهل يستحب للإمام أو المأموم أن يغطي رأسه؟ الجواب: لا يلزم المصلي إذا كان رجلاً أن يغطي رأسه، بل يجوز للمصلي أن يصلي وهو مكشوف الرأس؛ لأن رأس الرجل ليس عورة يجب سترها، ولكن تغطية الرأس من تجميل الهيئة المستحبة في الصلاة؛ لقوله – تعالى-: يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ؛ فالتجميل للصلاة أمر مطلوب،

وهو تزين بالثياب، وأقل حد في ذلك هو ستر العورة، وهذا لا بد منه، وما زاد على ذلك فإنه مستحب ومكمل للهيئة، ومن ذلك تغطية الرأس.9

هذا ما أمكن النظر فيه لمعرفة حكم صلاة مكشوف الرأس، وقد تبين أن ذلك جائز مع الكراهة، والأكمل والأفضل تغطية الرأس بعمامة أو ما شابهها، لأن ذلك من عادة العرب في التزين والتجمل، والوافد إلينا من الطرق الغربية والمظاهر الشرقية لا يغير عرفنا وعاداتنا الحميدة التي جبل عليها المسلمون من العرب وغيرهم مئات السنين، والله المستعان. وصلى الله على النعمة المهداة، والرحمة المسداة نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


1-فتاوى محمد رشيد رضا: (5/1849) والسنن والمبتدعات: (ص69). 2-وأوله: ((إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله…. )). أخرجه الطحاوي في (شرح معاني الآثار): (1/221) والطبراني والبيهقي في (السنن الكبرى): (2/236) وإسناده حسن، كما في (مجمع الزوائد): (2/51). وانظر: (السلسلة الصحيحة) رقم (1369). 3-الوارد في حديث ابن عباس: (أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه) وهو حديث ضعيف. قال الألباني: (ويكفي دلالة على ذلك – أي ضعفه – تفرّد ابن عساكر به، وقد كشفت عن علّته في ((الضعيفة)) (2538) )) وقال أيضاً: (إنه لو صح فلا يدل على الكشف مطلقاً، فإن ظاهره: أنه كان يفعل ذلك عند عدم تيسّر ما يستتر به، لأن اتخاذ السترة أهم للأحاديث الواردة فيها). 4-تمام المنة في التعليق على فقه السنة: (ص164 – 165). 5-الدين الخالص: (3/214) والأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة: (ص110). 6-انظر: ((المجموع)): (2/51). 7-نقلاً عن كتاب “القول المبين في أخطاء المصلين”. لأبي عبيدة مشهور بن حسن. 8-بدائع الصنائع (1/301). 9-المصدر: الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ الفوزان.