أحكام المسجد الحرام

أحكام المسجد الحرام

أحكام المسجد الحرام

 

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، خلق آدم من طين، واسكنه في جنة النعيم، ونهاه عن الأكل من الشجرة فأغواه اللعين، وأشهد أنه رب العالمين، وخالق الخلق أجمعين، وأن رسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – جاءنا بالإسلام، وعلمنا الأحكام، وبيَّن الحلال من الحرام، وأزال عنا الشكوك والأوهام بدعوته التي أسعدت الأنام، فصلى الله عليه ما تعاقبت الليالي والأيام وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

فإن الله بوأ للبشرية بيته الحرام، وخصه بأحكام دون غيره لتظهر ميزته، وتعلو مكانته، ويقصده الحاضر والباد، والخاص والعام.

ومن هذه الأحكام التي يخالف فيها الحرم المكي غيره من البلاد والأرض ما يلي:

1- يستحب ألا يدخله أحد إلا بإحرام ولو كان لا يريد حجاً أو عمرة، وقيل: يجب الإحرام.

2- يحرم صيده على جميع الناس حتى أهل الحرم والمحلين.

3- يمنع جميع من خالف دين الإسلام من دخوله مقيماً أو ماراً عند جماهير العلماء.

4- لا تحل لقطته للتملك، إنما تحل لمن يطلب صاحبها وينشده.

5- تغليظ الدية بالقتل فيه لأن الذنب فيه أغلظ وأشد من غيره.

6- تحريم دفن المشرك فيه، ولو دفن فيه نبش ما لم يتقطع.

7- يحرم إخراج أشجاره وترابه إلى الحل، ويكره إدخال أحجار الحل وترابه إليه.

8- هو المكان المختص بذبح الهدي به.

9- صلاة النافلة لا تكره فيه في أي وقت من الأوقات، ويستوي في ذلك مكة وسائر الحرم1.

10- لا دم على المتمتع والقارن إذا كان من أهله.

11- إذا نذر قصده؛ لزمه الذهاب إليه هو، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، بخلاف غيره من المساجد فإنه لو نذر الذهاب إلى مسجد معين فإن ذهابه إلى أي مسجد يكفي عنه؛ بذلك قال الفقهاء إلا أبو حنيفة – رحمه الله -.

12- يحرم استقبال الكعبة ببول أو غائط، وفي ذلك خلاف عند الفقهاء معروف.

13- يضاعف الأجر فيه في الصلوات وسائر الطاعات.

14- تستحب صلاة العيد في المصلى إلا إذا كانوا بالحرم فإن الصلاة في المسجد الحرام أفضل.

15- لا تقام الحدود، ولا يستوفى القصاص فيه عند بعض الفقهاء.

16- يكره حمل السلاح بمكة لغير حاجة لنهي النبي – صلى الله عليه وسلم – عن ذلك.

17- حج الكعبة كل سنة فرض كفاية على الأمة الإسلامية، ولو كان الحاج واحداً.

والمسجد الحرام يطلق ويراد به الحرم المكي وهذا هو الغالب، وقد يراد به الحرم، وقد يراد به مكة، والله أعلم.

وللآثار الواردة في فضل مكة نجد الأحناف والشافعية والحنابلة يقولون: إن مكة أفضل البلاد على الإطلاق.

وقد جاء في حديث أخرجه أحمد2 وابن ماجة3 والترمذي4 وقال: "حديث حسن غريب صحيح" أن عبد الله بن عدي بن الحمراء – رضي الله عنه – سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو واقف بالحزورة في سوق مكة يقول: ((والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك؛ ما خرجت))، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لمكة: ((ما أطيبك من بلد وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك))5، وبهذا القول قال الجمهور، وابن وهب، وحبيب من أصحاب مالك، والمشهور عن مالك أنه يرى المدينة أفضل من مكة لحديث: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة))6.

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.

والحمد لله رب العالمين.


 


1 – يدل عليه عمل الصحابة فقد روى البخاري أنَ ابْنُ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – كان يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ، وَطَافَ عُمَرُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَرَكِبَ حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بِذِي طُوًى" انظر فتح الباري لابن حجر (ج5/ص296).

2 – رواه أحمد برقم (18242).

3 – رواه ابن ماجة برقم (3108).

4 – رواه الترمذي برقم (3925).

5 – أخرجه الترمذي برقم (3925) وقال: حديث حسن صحيح غريب.

6 – رواه البخاري برقم (1196) ومسلم برقم (1391).