التهوية والتدفئة

التهوية والتدفئة والتنظيف والإنارة

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فالمساجدُ هي بيوتُ اللهِ في أرضِهِ، وهي أفضلُ البقاع، إليها يأتي المسلمون ليُؤدوا ما فرض اللهُ عليهم، فهم مُطالبون بخمس صلوات في اليوم والليلة، وتكون في جماعة المسلمين والتي لا تكون في الغالب إلا في المساجد.

والمساجدُ لها منزلةٌ عظيمةٌ في قلوبِ المسلمينَ، فهم يُصلُّون فيها ويتعلَّمون فيها، ويقرأون القرآنَ والكتبَ النافعةَ، ويجلسون في حِلَقِ الذِّكرِ، كل ذلك في هذه البيوت؛ لأنهم يعلمون منزلة هذه المساجد، ومكانتها عند الله فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ سورة النور: 36.

ولما كانت هذه المساجدُ يرتادها المسلمون فإنَّها تحتاجُ لما يُصلحها ويجعلها مُهيَّأةً للمُصلِّينَ حتى يتمكنوا من أداءِ الصَّلاةِ على أكمل وجه وأتمه، ونظراً لما يطرأ على المناخ من الحرارة أو البرودة وتأثر المساجد بتلك الظروف إذ ليستْ بمعزلٍ عن هذا الأمرِ، فيكون فيها الجو الحار أو البارد على حسب ما هو موجود في تلك المنطقة الجغرافية التي يقع فيها المسجد، ولذلك ينبغي أن توجد المكيفات التي تلطف الجو من حرارته إلى برودته، أو العكس، ليتمكن المصلي من أداء ما فرض الله عليه بكل راحة واطمئنان، فإذا عدمت هذه الأشياء فإن الناس يتضايقون من الحر أو البرد، وبالتالي قد يتخلفون عن أداء الصلاة في المساجد، والسبب هو أن هذه المساجد ليست مهيأة كما ينبغي، فعلى القائمين عليها أن يبذلوا ما بوسعهم في تهيئتها.

أما عن تنظيف المساجد فقد أمر رسول الله  ببناء المساجد في الدور -أي: في محال القبائل-، وأن تُنظَّفَ وتُطيَّبَ1.

وعن سَمُرة بن جُنْدُب قال: أمرنا رسول الله أنْ نتخذَ المساجدَ في ديارِنا، وأمرنا أنْ ننظفها2.

وكثير من مساجد المسلمين اليوم سيئة التهوية، وفرشها لا يُرفع من مكانه إلا بعد أعوام طويلة، فيشم الداخل إليها الروائح النتنة من أثر أقدام المصلين، أو من عرق أبدانهم، أو ريح ثيابهم المتسخة، أو من كثرة غلق النوافذ، فأين النظافة؟! وأين تطييب المساجد؟!

وبعض المساجد ليس فيها تدفئة في الشتاء، أو تبريد في الصيف، فلا يستطيع المصلي المكوث فيها، وقد توجد ولكن في أماكن غير مناسبة لها، فمثلاً توضع المدافئ في منتصف المسجد أمام صفوف المصلين؛ حيث يصلون إلى النار، وإلى اللهب الظاهر من المدافئ، والأجدر أن توضع في المكان المناسب، إما في مؤخرة المسجد، أو في زاوية منه، والأفضل لو أنشئت تدفئة مركزية تغني عن هذه المدافئ القديمة.

وتهوية المساجد ووسائل تنقية الهواء من نظافة المسجد، وبحمد الله فوسائل التنظيف والتهوية من المراوح والمكيفات متوفرة، فما على القائمين على المساجد إلا إدخال مثل هذه الوسائل إليها.

أما الإنارة فهي ضرورية ليتمكن الناس من الجلوس في المسجد لقراءة القرآن، وحضور الصلوات -وخاصة الليلية المغرب والعشاء وكذا الفجر-، وقراءة العلوم النافعة، ولكن يقتصر منها على ما هو ضروري، دون إسراف وتبذير.

فهذه الأمور التي ذكرت من تهوية وتنظيف، وتدفئة وإنارة لبيوت الله ضرورية لها، وهي مما يصلحها ويجعلها مهيأة للعبادة، ليدخلها المسلمون ويجدون فيها الأنس والراحة، لا يدخلونها وهم متضايقون من حرها أو بردها، أو عدم نظافتها، أو روائحها الكريهة.

وفق الله الجميع للخير، والحمد الله رب العالين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يراجع :كتاب (المسجد في الإسلام) لخير الدين وانلي وغيره في هذا الموضوع.


1– الترمذي وأبو داود وأحمد، وصححه الألباني، في حجاب المرأة (29).

2– رواه أحمد والترمذي وصححه، وقال الألباني: صحيح لغيره، انظر:” صحيح الترغيب والترهيب”, رقم (278).