محظورات الإحرام

 

 

 

محظـورات الإحـرام

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذه بعض الفوائد والتنبيهات لكل من يسر الله له السفر إلى بيته العتيق؛ لأداء مناسك الحج أو العمرة. وهي تتعلق ببيان محظورات الإحرام حتى يكون حاج بيت الله الحرام على بينة من أمره فلا يأتي منها أمرا محرما، وحتى يكون حجه وعمرته سليمين من أي ناقض لهما.

وقد قسمت إلى ثلاثة أقسام: قسم يشترك فيه الرجال والنساء، وقسم يخص الرجال دون النساء، وقسم يخص النساء دون الرجال، وإليك – أيها المسلم وأيتها المسلمة- بيان ذلك:

أولاً: محظورات الإحرام المشتركة بين الرجال والنساء:

1. إزالة شعر الرأس بحلق أو نتف، ونحو ذلك؛ لأن الله يقول: وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ سورة البقرة(196). قال القرطبي في تفسيره (2/376): “لا يجوز لأحد أن يحلق رأسه حتى ينحر هديه وذلك أن سنة الذبح قبل الحلق”. وقد ألحق العلماء بحلق الرأس حلق سائر شعر الجسم، وألحقوا به أيضاً تقليم الأظافر، وقصها.

2. لبس القفازين، وهما شراب اليدين وشبههما مما هو مخيط، أو مصنوع لليدين؛ لما أخرجه البخاري من حديث ابن عمر-رضي الله عنه- أن النبي   قال: (لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين).

3. صيد البر، والأكل منه، وكذلك الدلالة عليه؛ لقوله تعالى: لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ سورة المائدة(95). قال ابن كثير في تفسيره (2/134): “وهذا تحريم منه تعالى لقتل الصيد في حال الإحرام ونهي عن تعاطيه فيه”. ولقوله: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا سورة المائدة(96). ولحديث الصعب بن جثامة الليثي أنه أهدى لرسول الله   حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه فلما رأى ما في وجهه قال: (إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)1.

4. استعمال الطيب بعد الإحرام في الثوب أو البدن أو غيرهما؛ ودليل ذلك ما جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنه- قال: سئل النبي   ما يلبس المحرم؟ قال: (لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا ثوبا مسه ورس ولا زعفران ولا الخفين إلا أن يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين)2. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: بينا رجل واقف مع النبي   بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته أو قال فأوقصته فقال النبي  : (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تمسوه طيبا ولا تخمروا رأسه ولا تحنطوه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا)3. والحنوط أخلاط من الطيب تجعل على الميت.

5. الجماع؛ وهذا أشدها وأعظمها حرمة في حق المحرم؛ قال ابن المنذر-رحمه الله-: “أجمع أهل العلم على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام إلا الجماع”. وقد ألحق العلماء بالجماع كل دواعي الجماع ومقدماته، ومن ذلك عقد النكاح لنفسه، أو لغيره،وكذلك المباشرة والتقبيل، وما إلى ذلك، وكل ذلك سداً للذريعة، وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها سئلت عما يحل للمحرم من امرأته، فقالت: “يحرم عليه كل شيء إلا الكلام”4.

ثانيا: محظورات الإحرام الخاصة بالرجال:

1. لبس المخيط، وهو أن يلبس الثياب ونحوها مما هو مفصل على هيئة البدن، أو العضو على صفة لباسها في العامة كالقميص، والفنيلة، والسروال، فلا يجوز للمحرم لباسها على الوجه المعتاد. فقد سئل النبي   ما يلبس المحرم؟ فقال: (لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف). وثبت في الصحيحين أن النبي   قال: (من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزارا فليلبس السراويل). والمعنى أنه يلبس الخفين حتى يجد النعلين، ويلبس السراويل حتى يجد الإزار.

2. تغطية الرأس بملاصق، كالطاقية ونحوها، لما ثبت في الحديث المتفق عليه عن النبي : أنه نهى عن لبس العمائم والبرانس. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-قال: بينا رجل واقف مع النبي   بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته أو قال فأوقصته فقال النبي : (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تمسوه طيبا ولا تخمروا رأسه ولا تحنطوه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا)5.

ثالثا: محظورات الإحرام الخاصة بالنساء:

1. لبس البرقع والنقاب ونحوهما، مما هو مفصل للوجه؛ لما ثبت من حديث ابن عمر عن النبي   وفيه: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين)6. ويباح لها من المخيط ما سوى ذلك كالقميص والسراويل والخفين والجوارب للرجلين ونحو ذلك، ويباح لها سدل غطاء على وجهها من رأسها، ولا يضرها مماسته لوجهها؛ لما ثبت عن عائشة- رضي الله عنها قالت: “كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله    فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه”7. فالواجب الحذر من ارتكاب جميع المخالفات الشرعية في حال الإحرام، فإذا وقع المحرم في بعض المخالفات فليتب إلى الله من ذلك، وليقم بفعل ما أوجب عليه الشرع من الفدية. ومن أراد معرفة التفاصيل في ذلك، فليراجع كتب الفقه المعتبرة. وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 


1  رواه البخاري ومسلم.

2  أخرجه مسلم.

3 رواه البخاري.

4  راجع: بدائع الصنائع(2/425).

5 سبق تخريجه.

6 رواه البخاري.

7 رواه أبو داود وغيره.