منكرات الأعياد

منكرات الأعياد

 

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد جعل الله – تعالى – للمسلمين عيدين يفرحون فيهما بإكمال طاعتهم لله – تعالى -، ومعلوم أن إظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين، ولكن هذه الصور من الفرح والسرور والبهجة يجب أن تكون منضبطة بما شرعه الله – تعالى – لنا، بعيدة كل البعد عن جميع أشكال المنكرات والتبذير والعبث.

ومع تتالي السنوات زاد اهتمام أهل الهوى والشهوات بتفعيل أيام العيد وفعالياته من مهرجانات وعروض وغيرها لتهيئة المناخ المناسب للاختلاط، وخروج النساء مع الرجال، وتتبع العورات، وإفشاء المنكرات من الغناء والرقص، والموسيقى الصاخبة والملهيات، واستجلاب الكافرين، حتى أضحت برامج العيد وسائل لهدم الفضيلة، وتمزيق المجتمع، وتشتيت الأسر، وتمزيق الأمة، وإلهاء شبابها بتوافه الأمور.

وهذا يصب في نهاية الأمر في مصلحة بعض الانتهازيين لمضاعفة الكسب الخبيث، ولتحقيق مآرب أصحاب الشهوات باسم الترويح عن المسلمين في أيام العيد، فبعد أن اكتسب المسلمون الشيء العظيم من الانضباط في أعمالهم وأخلاقهم، وحفاظهم على الصلاة والقيام والصدقة على مدى شهر رمضان المبارك؛ تأتي هذه المهرجانات وما يلحق بها من منكرات لتذهب بروحانية رمضان من نفوس المسلمين باسم الترفيه.

ولأهمية بيان ما يترافق مع هذه الاحتفالات من منكرات قد استمرئ بعضها الناس مع مرور الزمن، وبعضها جديدة وتقام لأول مرة، وربما تطورت إلى أشكال أكثر خطورة في المستقبل، وبذلك فقد تحول العيد عند كثير من المسلمين، وفي أماكن عديدة؛ من شعيرة تعبدية فيها من العبادة والبر، والصدقة والصلة؛ إلى ما يضاد ذلك من الإثم والتبذير، والتشبه بالكافرين والاختلاط، والتبرج والخلوة المحرمة، والاعتداء على الأعراض والانفلات الأمني، والموسيقى والغناء، والرقص وهدر الأوقات، وتتزايد هذه المظاهر بتزايد فعاليات احتفالات العيد، وتنوع برامجها وخروجها عن ما هو مباح، بل لم يعد المرء يفرق بين أعياد الكافرين وأعياد المسلمين للتشابه الكبير فيما بينها ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومن خلال رصد ما يحدث في احتفالات عيد الفطر فإنه يمكن تلخيص المنكرات في المظاهر المتكررة التالية:

1- مشابهة النصارى في طقوس أعيادهم، وما يتبع ذلك من الإسراف والتبذير.

2- القيام ببعض العروض البهلوانية.

3- استجلاب بعض الفرق الكافرة للقيام ببعض العروض، وتقديم الهدايا للأطفال والعائلات.

4- التبرج والاختلاط، واستهداف العائلات بكثير من البرامج إمعاناً في خروج المرأة واختلاطها، ورافق ذلك كثرة المعاكسات، وحالات الاختلاء المحرم.

5- عرض المسرحيات النسائية في مناطق مختلفة، وبأنماط متعددة.

6- حملة إعلامية مكثفة لتوسيع دائرة هذه الاحتفالات ونشرها، مع التركيز على الأنشطة العائلية شبه المختلطة.

7- الانفلات الأمني، وظاهرة الاعتداء على الأعراض، والاحتكاك بالنساء، ومضايقتهن باللسان والأبدان، وأحياناً بقوة السلاح – لاسيما في المدن الكبرى -.

8- انتشار الموسيقى الصاخبة والرقص الغربي في الطرقات العامة، وكذلك المصاحب للعرضات والمسيرات، والفرق الشعبية.

9- تفشي ظاهرة التدهور الأخلاقي لدى فئة الشباب، وبروز ممارسات مخلة بالآداب العامة.

10- تضييع الأوقات متمثلاً في مجموعة من الفعاليات عديمة الجدوى، والتي قد تحرض الشباب على التهور والضياع.

11- التخلف الجماعي عن الصلوات – لاسيما المغرب والعشاء -، وعدم الاهتمام بإعداد أماكن مناسبة للصلاة في أماكن الاحتفالات.

12- المبالغة الشديدة بإطلاق المفرقعات النارية، والتشجيع على حضورها ومتابعتها، وفي كل عام تزداد مواقع تنفيذها.

ومن اطلع على هذه المنكرات العامة لا يصح له السكوت عليها، بل يجب أن يبذل جهده في منعها والتقليل منها، ومناصحة ولاة الأمر والمسؤولين في منعها عن بلاد المسلمين، لاسيما في مثل هذا الوقت الذي تكالب فيه الأعداء على بلاد المسلمين للنيل من دينها، وطمس هويتها، وإيقاف ومحاصرة الإشعاع الطاهر الذي ينبعث منها، فعلى هذا يجب على من ولاه الله أمر هذه البلاد من العلماء والمسئولين المساهمة في إعداد الأمة لما ينتظرها، والوقوف صفاً واحداً تجاه من يريد النيل من ديننا، ولا يمكن أن يكون هذا الوقوف جاداً مع وجود مثل هذه المنكرات في الأعياد.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.