حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد

حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد

 

الحمد لله وحده، وأصلي وأسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:

فقد يتساءل الكثير ما حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد هل هي جائزة أو محرمة؟ أو مستحبة أو مكروهة؟

والجواب: أن الله قد أمرنا في مثل هذا بسؤال أهل الذكر فقال: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}1؛ لأنهم الموقعين عن الله رب العالمين، فأحببنا أن نقف على جملة من فتاوى العلماء حول هذه المسألة؛ حتى نكون على بصيرة من أمر ديننا، مقتدين بكتاب ربنا، وسنة نبينا – صلى الله عليه وسلم – بفهم سلف أمتنا، وفتاوى علمائنا.

أولاً: سُئل العلامة ابن باز – رحمه الله – فقال السائل: "نحن في مطلع العام الهجري الجديد، ويتبادل بعض الناس التهنئة بالعام الهجري الجديد قائلين: "كل عام وأنتم بخير"، فما حكم الشرع في هذه التهنئة؟

فأجاب – رحمه الله – قائلاً: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فالتهنئة بالعام الجديد لا نعلم لها أصلاً عن السلف الصالح، ولا أعلم شيئاً من السنة أو من الكتاب العزيز يدل على شرعيتها، لكن من بدأك بذلك فلا بأس أن تقول: "وأنت كذلك"، إذا قال لك: كل عام وأنت بخير، أو في كل عام وأنت بخير فلا مانع أن تقول له: "وأنت كذلك، نسأل الله لنا ولك كل خير" أو ما أشبه ذلك، أما البداءة فلا أعلم لها أصلاً.

ثانياً: وسُئل العلامة ابن عثيمين – رحمه الله – عن الاحتفال بالعام الهجري الجديد فأجاب – رحمه الله – قائلاً: " أيها المسلمون: إننا في هذه الأيام نستقبل عاماً جديداً إسلامياً هجرياً، ليس من السنة أن نحدث عيداً لدخوله، وليس من السنة أن نهنئ بعضنا بدخوله، ولكن التهنئة إنما هي أمر عادي وليس أمراً تعبدياً، وليست الغبطة بكثرة السنين، كم من إنسان طال عمره، وكثرت سنواته، ولكنه لم يزدد بذلك إلا بعداً من الله، إن أسوأ الناس، وشر الناس؛ من طال عمره، وساء عمله، ليست الغبطة بكثرة السنين، وإنما الغبطة بما أمضاه العبد من هذه السنين في طاعة الله – عز وجل -، فكثرة السنين خير لمن أمضاه في طاعة ربه، شر لمن أمضاه في معصية الله، والتمرد على طاعته".

وسئل مرةً أخرى: ما حكم التهنئة بالسنة الهجرية وماذا يرد على المهنئ؟

فأجاب – رحمه الله – قائلاً: "إن هنّأك أحد فَرُدَّ عليه، ولا تبتدئ أحداً بذلك، هذا هو الصواب في هذه المسألة، لو قال لك إنسان مثلاً: "نهنئك بهذا العام الجديد" قل: "هنأك الله بخير، وجعله عام خير وبركه"، لكن لا تبتدئ الناس أنت، لأنني لا أعلم أنه جاء عن السلف أنهم كانوا يهنئون بالعام الجديد، بل اعلموا أن السلف لم يتخذوا المحرم أول العام الجديد إلا في خلافة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه –2.

ثالثاً: وسئل العلامة الفوزان – حفظه الله – فقال سائله: فضيلة الشيخ – وفقكم الله – يتبادل كثير من الناس التهاني بحلول العام الهجري الجديد، فما حكم التهنئة بحلوله، ومن العبارات قولهم: "عام سعيد"، أو قولهم: "كل عام وأنتم بخير" هل هذا مشروع؟

فأجاب قائلاً: "هذا بدعة، ويشبه تهاني النصارى بالعام الميلادي، وهذا شيء لم يفعله السلف، وأيضاً هو العام الهجري إنما هو اصطلاح الصحابة لأجل تأريخ المعاملات فقط، ما حطوه على أنه عيد، وعلى أنه يهنّأ به وعلى وعلى .. هذا لا أصل له، الصحابة إنما جعلوه لأجل تاريخ المعاملات، وضبط المعاملات فقط".

نسأل الله – تعالى – أن يلهمنا رشدنا، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.


 


1 سورة الأنبياء (7).

2 المصدر: إجابة السؤال رقم 835 من اسطوانة موسوعة اللقاء الشهري، والباب المفتوح الإصدار الأول للقاء الشهري لفضيلته من إصدارات مكتب الدعوة و الإرشاد بعنيزة.