صندوق تعظيم الشعائر

صندوق تعظيم الشعائر

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد دعت شريعتنا الغراء إلى تعظيم شعائر الله عز وجل، وحضت على تعظيم حرماته سبحانه، ويكفي في ذلك قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}(الحج:32)، ولك أن تتأمل كيف علَّق الرب سبحانه أمر التقوى بعد أن أضافها إلى القلب الذي هو محل نظر الرب جل جلاله بالتزام العبد مبدأ تعظيم شعائره وإجلالها.

وهذه الآية وإن ذهب جمع من المفسرين إلى كون تطبيقاتها يكمن فيما يتعلق بمشاعر الحج من النسك فقط؛ إلا أن الصواب حملها على أوسع من ذلك، فالشعائر هي كل ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما تعبدنا الله تبارك وتعالى به فهو من شعائره، وهذا ما أشار إليه الحسن البصري بقوله: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} أي: معالم دين الله عز وجل، وتعظيمها التزامه1.

والمسلم مأمورٌ بأن يعظم هذه الحدود جميعاً بأن يمتثل أوامر الله، ويجتنب نواهيه، ومن هنا أحببنا أن نلفت نظر القارئ الكريم إلى جزئية من تطبيقات مبدأ تعظيم الشعائر، بحاجة منا إلى تفكير جاد وعملي وبخاصة أنها مما عمت به البلوى ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهي تتمثل في تلك الطروس2 الملقاة على جنبات الطريق، والأوراق المكدسة في فناء البيت، والتي لا تخلو غالباً من اسم الله، فربما داسها الناس بأقدامهم، أو ربما وضعت في براميل النفايات وفيها آيات قرآنية، وربما…، والجميل في الموضوع أننا متفقون على أن هذا امتهان لشعائر الله، واستهانة بحرماته، ويبقى الأمر الأهم هو: كيف نسعى جميعاً في الحد من هذه الظاهرة؟ ليشملنا وصف {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}.

أخي المبارك:

أضع بين يديك فكرة عملية مجربة آتت أكلها، وطابت بنتاجها، ولا أدل على ذلك من تفاعل عامة الناس معها "كبارهم وصغارهم، ذكرهم وأنثاهم" في المواقع التي طبقت فيها.

الفكرة:

تتلخص في إعداد صندوق متوسط الحجم (يفضل أن يكون حديدياً)، مفتوح من أحد الجهات (الجهة العليا)، يوضع في الطرق العامة والفرعية التي تعتبر عادة ممشى الناس، وطريق مرورهم، ويكون في مكان مرتفع؛ ليتسنى وضع هذه الأوراق التي تحتوي على آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، أو ما فيه اسم الله عز وجل من جرائد ومجلات، وصحف ودفاتر، وكتب مدرسية وغيرها أو مصاحف ممزقة … بيسر وسهولة فيه.

ولتسهيل الفكرة أكثر فعليك بالأتي:

       لا بد من إعداد عدد من الصناديق المتوسطة الحجم؛ لتغطي بها أكبر عدد من مواقع الحي المهمة والرئيسية.

       يحبذ أن تكون أشكال الصناديق موحدة وملفتة (ذات لون أبيض مثلاً).

   يكتب على واجهة هذه الصناديق "صندوق تعظيم شعائر الله"، أو "أخي المسلم: فضلاً ضع هنا ما فيه اسم الله"، أو "هذا الصندوق خاص بالأوراق المحترمة".

       يوضع الصندوق في مكان بارز وواضح وقريب من جميع المارة.

       ينبغي أن تكون هناك مسافات محددة بين صندوق وآخر بحيث لا تتجاوز مائة وخمسين متر مثلاً.

بعد الوضع والامتلاء:

لا بد من تخصيص هيئة إشرافية على هذه الصناديق تقوم بتفريغها حال امتلاءها، ومن ثم يتم حرق هذه الأوراق أو وضعها في أماكن مخصصة تصونها من الامتهان والازدراء.

أيها الموفق:

إن المسألة ببساطة أن يتشارك مجموعة من الشباب في إعداد هذه الصناديق، وقد قيل: "ما حملته الرجال خف"، وتأكد أنك بصنيعك هذا تساهم في تعظيم شعائر الله، وترفع اسم ربك؛ فيرفعك عنده، فلا تتوان، وتذكر موعودك عند الله عز وجل، وعظيم الأجر المنتظر {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


 


1 النكت والعيون للماوردي (4/23).

2 الطروس جمع طرس، وهو الورقة المكتوب عليها.