صفات الخوارج

صفات الخوارج

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم, الملك الحق المبين، الهادي إلى الصراط المستقيم, الحمد لله كما هدانا إلى سبيل الحق واجتبانا, والصلاة والسلام على أكرم الخلق وأفضلهم، البشير النذير، والسراج المنير؛ أنقذنا الله برسالته من الظلمات إلى النور محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الكرام وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:

فمن المعلوم أن النبي   أخبر أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي من كانت على مثل ما كان عليه   وأصحابه, وقد روي حديث الافتراق بألفاظ متعددة فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله  : ((افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة))1, وعن معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنهما – أنه قام فقال: ألا إن رسول الله  قام فينا فقال: ((ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة)) زاد ابن يحيى وعمرو

في حديثهما: ((وإنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكَلَبْ))، والكَلَبُ داء يعرض للإنسان من عضة الكَلْبِ الكَلِبْ، وهو داء يصيب الكَلْبَ كالجنون”2؛ وعن عوف بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله  : ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار، قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: الجماعة))3,

وعن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله  : ((ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال:ما أنا عليه وأصحابي))4.

ومن هذه الفرق التي خرجت وانشقت عن جماعة المسلمين فرقة ضالة هي الخوارج، وفي هذه الورقات سنعرض لذكر ما تيسر ذكره فنقول وبه نستعين، ومن بغيره استعان لا يعان بل يضل ويستحق العقاب إذ أشرك بالكريم الوهاب:

الصفة الأولى: الجهل بالدين الإسلامي الحنيف:

فإن من أكبر صفات الخوارج صفة الجهل بالكتاب المنزل, والسُّنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام, وسوء فهمهم للكتاب والسنة, وقلة تدبرهم وتعقلهم, وعدم إنزال النصوص منازلها الصحيحة ولذا كان عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – يراهم شرار خلق الله, وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين”5, و

كان ابن عمر – رضي الله عنه – إذا سُئل عن الحرورية قال: “يُكفرون المسلمين، ويستحلون دماءهم وأموالهم, وينكحون النساء في عددهم, وتأتيهم المرأة فينكحها الرجل منهم ولها زوج, فلا أعلم أحداً أحق بالقتال منهم”6, ومن جهلهم بشرع الله أنهم رأوا أن التحكيم معصية تستوجب الكُفر بالله – تبارك وتعالى -, فيلزم من وقع فيه أن يعترف على نفسه بالكُفر، ثم يستقبل التوبة, وهذا ما طالبوا به علياً – رضي الله عنه -، إذ طلبوا منه أن يقر على نفسه بالكفر، ثم يستقبل التوبة7, فتخطئة الخوارج له ولمن معه من المهاجرين والأنصار، واعتقادهم أنهم أعلم منهم، وأولى منهم بالرأي؛ هي والله عين الجهل والضلال.

ومن ظلالاتهم الشنيعة “أنهم وجدوا عبد الله بن خباب – رضي الله عنه – ومعه أم ولد حبلى فناقشوه في أمور, ثم سألوه رأيه في عثمان وعلي – رضي الله عنهما – فأثنى عليهما خيراً, فنقموا عليه, وتوعدوه بأن يقتلوه شر قتله، فقتلوه وبقروا بطن المرأة”8, “ومر بهم خنزير لأهل الذمة فقتله أحدهم, فتحرجوا من ذلك، وبحثوا عن صاحب الخنزير وأرضوه في خنزيره, فيا للعجب أتكون الخنازير أشد حرمة من المسلمين عند من يدعي الإسلام، وقد مرق منه!!, لكنها عبادة الجُهال التي أملاها عليهم الهوى والشيطان”9,

قال ابن حجر – رحمه الله -: “إن الخوارج لما حكموا بكفر من خالفهم استباحوا دماءهم،وتركوا أهل الذمة، فقالوا: نفي لهم بعهدهم، وتركوا قتال المشركين, واشتغلوا بقتال المسلمين, وهذا كله من آثار عبادة الجُهال الذي لم تنشرح صدورهم بنور العلم, ولم يتمسكوا بحبل وثيق منه, وكفى أن رأسهم رد على رسول الله أمره، ونسبه إلى الجور؛ نسأل الله السلامة”10,

وقال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: “هم جهال فارقوا السُّنة والجماعة عن جهل”11.

وبهذا يتبين أن الجهل كان من الصفات البارزة في تلك الطائفة التي هي إحدى الطوائف المنتسبة إلى الإسلام, والجهل مرض عضال يهلك صاحبه من حيث لا يشعر, بل قد يريد الخير فيفعل ضده, فإنهم بسبب جهلهم وقعوا فيما وقعوا فيه من الضلال – والعياذ بالله تعالى -.

الصفة الثانية: الغلو في الدين:

مما لا شك فيه أن الخوارج أهل طاعة وعبادة, وقد كانوا حريصين كل الحرص على التمسك بالدين، وتطبيق أحكامه, والابتعاد عن جميع ما نهى عنه الإسلام, وكذلك التحرز التام عن الوقوع في أي معصية أو خطيئة تخالف الإسلام؛ حتى أصبح ذلك سمة بارزة في هذه الطائفة لا يدانيهم في ذلك أحد, ولا أدل على ذلك من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: بينما نحن عند رسول الله  وهو يقسم قِسْمَاً أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله اعدل!! فقال: ((ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل))؛ فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه؟ فقال: ((دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم,وصيامه مع صيامهم, يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية, ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فما يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه – وهو قدحه – فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة؛ تدردر، ويخرجون على حين فرقة من الناس)),

قال أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله  ،وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به حتى نظرت إليه على نعت النبي   الذي نعته”12، والشاهد فيه قوله: “فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم, وصيامه مع صيامهم, يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم؛ يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية”, وبسبب غلوهم وتشددهم في الدين فإن منهم من بالغ في ذلك حتى حكم على كل من ارتكب ذنباً من الذنوب ولو كان صغيراً بأنه كافر مشرك مخلد في النار – والعياذ بالله من الضلال -, وكان من نتيجة هذا التشدد الذي خرج بهم عن حدود الدين وأهدافه السامية أن كفَّروا كل من لم ير رأيهم من المسلمين، ورموهم بالنفاق, واستباحوا دماء مخالفيهم, ومنهم من استباح قتل النساء والأطفال من مخالفيه كالأزارقة مثلاً.

ولا شك أن الخوارج بما اتصفوا به من الجهل والتشدد والجفاء قد شوهوا محاسن الدين الإسلامي الحنيف تشويهاً غريباً, فإن هذا الإغراق في التأويل والاجتهاد؛ أخرجهم عن الإسلام وجماله واعتداله, وهم في تعمقهم قد سلكوا سبيلاً لم يسلكه النبي  ، ولا دعا إليه القرآن الكريم, ((وخير الهدي هدي محمد  ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار))13,

وقد قال النبي   في حديث العرباض بن سارية – رضي الله عنه -: ((قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعليكم بالطاعة، وإن عبداً حبشياً عضوا عليها بالنواجذ،فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما انقيد انقاد))14,

وفي حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله  : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))15, وصدق القائل:

والخير كل الخير في اتباع من سلف    والشر كل الشر في ابتداع من خلف

وقال العلامة الحافظ الحكمي – رحمه الله – في منظومة “سلم الوصول” فقال:

شرط قبول السعي أن يجتمعا   فيه إصابة وإخلاص معـاً
لله رب العرش لا ســـواه   موافق الشرع الذي ارتضاه

فلا يغتر الإنسان بزهدهم المزعوم، وتشددهم في أمور، ودعواهم نصرة الدين والدعوة والجهاد، فإن العبرة بموافقة الرجل للسنة، وتمسكه بمنهج السلف الصالح؛ ولهذا جاء عن أبي ذر – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله  : ((إن بعدي من أمتي أو سيكون بعدي من أمتي قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية, ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة))16,

وقال  كما في حديث عبيد الله بن أبي رافع – رضي الله عنه -: ((أنهم من أبغض خلق الله إليه، منهم أسود…))17,

وعن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك – رضي الله عنهما -: عن رسول الله   قال -: ((سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل، ويسيئون الفعل، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يرجعون حتى يرتد على فوقه، هم شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شىء، من قاتلهم كان أولى بالله – تعالى – منهم، قالوا: يارسول الله ما سيماهم؟ قال: التحليق))18, وأما التقوى التي كانوا بها يتظاهرون فهي من قبيل التقوى العمياء التي كانوا يتزينون بها في الظاهر, وكان ظاهر التأويل بادي الزخرفة, وقد طمعوا في الجنة، وأرادوا السعي لها عن طريق التعمق والتشدد والغلو في الدين غلواً أخرجهم عن الحد الصحيح – نسأل الله تعالى السلامة والعافية -.

الصفة الثالثة: أنهم يظهرون شيئاً من الحق للتوصل به إلى الباطل:

ولذلك لما خرجوا على علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -، وزعموا أنه حكَّم الرجال، والله – تبارك وتعالى – يقول: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}19, وقال الله – تبارك وتعالى -: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}20, وقال: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}21, وهي كلمة حق أريد بها الباطل, فلا يُغتَر بمن يزعم أنه ينطق بكلمة الحق لكن هواه ووجه ونصرته لغير أهل السنة والجماعة, والخوارج كفّروا علياً – رضي الله عنه – ومن معه بعد قضية التحكيم، واستباحوا دماء أصحاب رسول   وأموالهم؛ وهم في ذلك يحسبون أنهم ينكرون المنكر، وينصرون الدين، ويلبّسون على الناس بذلك.

الصفة الرابعة: أنهم يأخذون بنصوص الوعيد ويهملون نصوص الوعد:

ومن النصوص التي احتجوا بها لتكفير مرتكب المعاصي قول الله – تبارك وتعالى -: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}22, وقول الله – تبارك وتعالى -:{إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}23, وقول الله – تبارك وتعالى -: {بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}24,

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي  : ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن))25 وغيرها من النصوص.

الصفة الخامسة: تجويزهم ما لا يجوز على النبي – صلى الله عليه وسلم -:

قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية – رحمه الله -: “والخوارج جوزوا على الرسول نفسه أن يجور ويضل في سنته، ولم يوجبوا طاعته ومتابعته، وإنما صدقوه فيما بلغه من القرآن دون ما شرعه من السنة التي تخالف – بزعمهم – ظاهر القرآن, وغالب أهل البدع غير الخوارج يتابعونهم في الحقيقة على هذا؛ فإنهم يرون أن الرسول   لو قال بخلاف مقالتهم لما اتبعوه، كما يحكى عن عمرو بن عبيد في حديث الصادق المصدوق، وإنما يدفعون عن نفوسهم الحجة: إما برد النقل؛ وإما بتأويل المنقول, فيطعنون تارة في الإسناد، وتارة في المتن, وإلا فهم ليسوا متبعين ولا مؤتمين بحقيقة السنة التي جاء بها الرسول، بل ولا بحقيقة القرآن, الفرق الثاني في الخوارج وأهل البدع: أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات, ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام دار حرب، ودارهم هي دار الإيمان,

وكذلك يقول جمهور الرافضة؛ وجمهور المعتزلة؛ والجهمية؛ وطائفة من غلاة المنتسبة إلى أهل الحديث والفقه ومتكلميهم, فهذا أصل البدع التي ثبت بنص سنة رسول الله  ، وإجماع السلف أنها بدعة، وهو جعل العفو سيئة، وجعل السيئة كفراً”26.

الصفة السادسة: شق عصا الطاعة:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمة الله تعالى -: “فهؤلاء أصل ضلالهم اعتقادهم في أئمة الهدى وجماعة المسلمين أنهم خارجون عن العدل، وأنهم ضالون، وهذا مأخذ الخارجين عن السنة من الرافضة ونحوهم، ثم يعدون ما يرون أنه ظلم عندهم كفراً, ثم يرتبون على الكفر أحكاماً ابتدعوها, فهذه ثلاث مقامات للمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم,في كل مقام تركوا بعض أصول دين الإسلام حتى مرقوا منه كما مرق السهم من الرمية، وفي الصحيحين في حديث أبي سعيد – رضي الله عنه -: ((يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان؛ لئن أدركتهم لأقتلهم قتل عاد))27,

وهذا نعت سائر الخارجين كالرافضة ونحوهم؛ فإنهم يستحلون دماء أهل القبلة لاعتقادهم أنهم مرتدون أكثر مما يستحلون من دماء الكفار الذين ليسوا مرتدين؛ لأن المرتد شر من غيره”28,

ويوضح ذلك موقفهم مع أمير المؤمنين علي حيث تخلوا عنه، وخالفوه في أحرج المواقف،وعصوا أمره, وظلت تلك الصفة من صفاتهم على مدار التاريخ كل من خالفهم في أمر عادوه ونبذوه، حتى إنهم تفرقوا هم أنفسهم إلى عدة فرق يكفر بعضها بعضاً, ولذلك كثر فيهم الغارات والشقاق والثورات.

هذا ما تيسر القول فيه، ونسأل الله – تبارك وتعالى – أن يبصرنا بديننا, وأن يرزقنا العمل الصالح الموافق للكتاب والسنة, وحسن الاتباع, ونسأله أن يجنبنا الزلل في القول والعمل، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


1 رواه أبو داود برقم (4596)؛ وابن ماجة برقم (3991)؛ وابن حبان في صحبحه برقم (6247)، وقال شعيب الأرناؤوط: حديث حسن؛ وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (203)؛ وفي صحيح ابن ماجة برقم (3225).

2 رواه أبو داود برقم (4597)؛ وابن ماجة برقم (3992)؛ وأحمد في المسند برقم (16979)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن؛ وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (204).

3 صححه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم (3226)؛ وفي السلسلة الصحيحة برقم (1492).

4 رواه الترمذي برقم (2641)؛ وحسنه الألباني في صحيح الترمذي برقم (2641).

5 رواه البخاري (6/2539).

6 الاعتصام (2/183-184).

7 رواه ابن أبي شيبة في المصنف (15/312-313)؛ وانظر: تلبيس إبليس (93).

8 انظر: تلبيس إبليس (93).

9 الخوارج للسعوي (187).

10 فتح الباري (12/301).

11 منهاج السنة (3/464).

12 رواه البخاري برقم (3414)؛ ومسلم برقم (1064).

13 رواه أبو داود برقم ( 2118)؛ والترمذي وحسنه برقم (1105)، وصححه الشيخ مقبل الوادعي في تذييله على المستدرك (2/217) برقم ( 2803) من حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -، والنسائي (6/ 89)، وأفرده العلامة الألباني برسالة مستقلة.

14 رواه ابن ماجة برقم (43)؛ وأحمد في المسند برقم (17182)، وقال شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح بطرقه وشواهده وهذا إسناد حسن؛ وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم (41).

15 رواه البخاري برقم (2550)؛ ومسلم برقم (1718).

16 رواه مسلم برقم (1067).

17 رواه مسلم برقم (1066).

18 رواه أبو داود برقم (4765)؛ وأحمد في المسند برقم (13362)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده عن أنس صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.

19 سورة الأنعام (57).

20 سورة المائدة (44).

21 سورة المائدة (45).

22 سورة النساء (93).

23 سورة المائدة (44).

24 سورة البقرة (81).

25 رواه البخاري برقم (2343)؛ ومسلم برقم (57).

26 مجموع الفتاوى (19/73).

27 رواه البخاري برقم (3166)؛ ومسلم برقم (1064).

28 مجموع الفتاوى (28/497).