تقويم الطلاب

تقويم الطلاب

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه، وعلى من تبعهم بإحسان من عباده .. أما بعد:

فإن من الوسائل المهمة في مشروع تحفيظ القرآن الكريم؛ التقويم الدائم والمستمر، والذي يهدف إلى قياس مستوى التقدم الذي حققه الطالب في قراءة القرآن الكريم حفظاً وأداءً، وإلى قياس مدى استيعابه لمنهج المواد العلمية الرديفة. أولاً: كيفية تقويم قراءة الطلاب للقرآن الكريم واستيعابهم العلوم الشرعية الرديفة:

1-  تقويم قراءة الطالب للقرآن الكريم:

تقويم قراءة الطالب للقرآن لا يكون إلا شفوياً نظراً لاعتماد تعلم وتعليم القرآن الكريم على التلقين؛ بالإضافة إلى أهمية قياس جودة الأداء أثناء القراءة، وذلك مما لا يمكن القيام به إلا من خلال النطق، ولكن الاختبارات الشفهية لها إيجابيات وسلبيات:

فمن إيجابياتها:

1. تُمكِّن المدرس من تقويم مدى تطبيق الطالب للأداء الصحيح وإجادته له.

2. إمكانية قيام المدرس باختبار الطالب في مراتب القراءة، وأنواع المد، ومواضع الوقف، والمجيء بالغنة والتفخيم والترقيق… ونحو ذلك من أحكام التلاوة والتجويد.

3. تعويدُ الطَّالبِ على المُحادثة، ومُقابلة الآخرين، وتشجيعه على ذلك.

ومن سلبياتها:

1. عدم تمكن المدرس من تقويم الطالب تقويماً كافياً نَظَراً لاعتمادِها على الأسئلة العشوائية، مما يمكن أن تصادف الأسئلة مواضع لم يتقنها الطالب بشكل جيد مع أنه مُجيدٌ لبقيةِ المواضعِ، أو العكس.

2. أنها لا تمنح الطالب وقتاً كافياً للتفكير في الإجابة عن الأسئلة؛ كما هو الحال في الاختبار التحريري.

3. أنها لا تكمن الطالب من إعادة النظر في أجوبته وتقويمها.

4. ما قد يصاحبها من خوف وقلق وارتباك لدى بعض الطلاب.

5. اعتماد التقويم على التقدير الذاتي للمدرس دون الرجوع إلى معايير محددة ودقيقة غالباً.

6. اختلاف ميزان التقويم من طالب لآخر؛ نتيجة تفاوت الأسئلة من حيث السهولة والصعوبة.

7. أنه في أحيان كثيرة لا يتم جعل الأسئلة شاملة للأجزاء المحفوظة بحيث تتركز في موضع واحد؛ كما أنه في أحيان كثيرة تتركز في أوائل السور، وأرباع الأحزاب دون غيرها.

2- تقويم فهم الطلاب للمواد العلمية الرديفة:

تقويم فهم الطلاب لمنهج المؤسسة للمواد العلمية الرديفة، واستيعابهم له؛ يمكن أن يكون شفهياً أو تحريرياً تبعاً للأنسب للمدرس والطلبة، أو حسب ما تراه الجهة المشرفة.

ثانياً: أنواع التقويم المقترحة في الحلقات:

يمكن تنظيم العديد من أنواع التقويم لقياس مستوى طلبة الحلقات، إلا أننا نقترح أن يتم الاقتصار منها على الآتي:

· التقويم السنوي:

تقوم به لجنة من قبل الجهة المشرفة على الحلقة؛ بهدف:

أ‌. تشجيع الطلبة البارزين في الحفظ والمراجعة من قبل الجهة المشرفة.

ب‌. دفع المدرس إلى الاعتناء بمستوى طلبته في الحفظ والمراجعة.

ت‌. حث الطلبة على بذل ما يستطيعون من جهد لتحسين مستوى حفظهم وأدائهم.

ث‌. تقويم أداء الحلقة، والتعرف على جوانب القوة والضعف فيها.

ج‌. تشجيع أولياء أمور الطلبة على متابعة أولادهم، والتعاون مع الحلقة في ذلك.

ح‌. تعرف أطراف العملية التعليمية داخل الحلقة على مستواهم بشكل أقرب إلى الواقعية بعيداً عن الحساسية.

ويمكن أن تكون مواصفات وشروط تقويم الطالب في هذا الاختبار ما يلي:

1. أن يتم رصد جوائز تشجيعية مناسبة تُعطى للطالب مقابل حفظ كل جزء جديد يتم النجاح في اختباره، إن كان ذلك متيسراً.

2. أن يكون قد أمضى منتظماً في الحلقة مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر متتالية.

3. أن يكون قد أتم حفظ خمسة أجزاء فأكثر وقرأها كلها على مدرس الحلقة أو حلقة أخرى كان ملتحقاً بها سابقاً، بحيث لا يُسمح بدخول الاختبار لطالب لم يحفظ عن طريق التلقّي والمشافهة.

4. أن يتم اختباره في كامل مَحْفوظه، ويقتصر في المكافأة على الأجزاء التي لم يسبق له أن اختبر فيها في الاختبارات السنوية الماضية والتي نجح فيها بشرط ألا تقل عن ثلاثة أجزاء.

2.التقويم الشهري:

على المدرس إجراء تقويم شهري لطلبته من أجل قياس مدى إتقانهم للحفظ، وإجادتهم للأداء في المدة التي قضوها في الحلقة، ويمكن للمدرس إذا رأى أن مدة الشهر قصيرة لا يتمكن فيها الطلبة من حفظ مقدار مناسب للاختبار أن يجعل التقويم مرة واحدة كل ستة أسابيع أو كل ثمانية أسابيع.

والتقويم الشهري اختبار جماعي يقوم به المدرس مع جميع الطلبة، ولذا ينبغي تحديده مسبقاً، وإعطاء الطلبة قبله فرصة يوم أو يومين للمراجعة. ويمكن أن يمارس المدرس التقويم بشكل فردي لبعض الطلبة بعد مراجعتهم لجزء أتموا حفظه، أو سورة طويلة انتهوا من قراءتها عليه، وللتقويم الشهري فوائد كثيرة؛ منها ما يعود إلى الطلبة أنفسهم، ومنها ما يعود على المدرس نفسه1. وفي الأخير نسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين. 


1– راجع : “نحو أداء متميز لحلقات تحفيظ القرآن الكريم” صـ(59- 64). و” فن الإشراف على الحلقات والمؤسسات القرآنية” صـ(215) وما بعدها.