صفة الإقامة

صفة الإقامة

 

الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مكور الليل على النهار، تبصرة لأولي الألباب والاعتبار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله – صلى الله عليه وسلم -؛ أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد:

فإن الإقامة سنة مؤكدة في الفرائض الوقتية والفائتة، على المنفرد والجماعة، للرجال والنساء عند المالكية والشافعية، أما الحنابلة فقالوا: ليس على النساء أذان وإقامة.

صفة الإقامة:

واختلف العلماء في صفتها إلى ثلاثة أقوال:

أولاً: الأحناف قالوا: الإقامة مثنى مثنى مع تربيع التكبير مثل الأذان، إلا أنه يزيد فيها بعد حي على الفلاح "قد قامت الصلاة مرتين" فتكون كلماتها عندهم سبع عشرة كلمة، بدليل ما روى ابن أبي شيبة قال: حدثنا أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – أن عبد الله بن زيد الأنصاري – رضي الله عنه – جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: "يا رسول الله رأيت في المنام كأن رجلاً قام وعليه بردان أخضران، فقام على حائط، فأذن مثنى مثنى، وأقام مثنى مثنى"1.

وروى الترمذي عن عبد الله بن زيد – رضي الله عنه – قال: "كان أذان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شفعاً شفعاً في الأذان والإقامة"2، وعن أبي محذورة – رضي الله عنه – قال: "علمني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة"3.

ثانياً: المالكية عندهم أن الإقامة عشر كلمات تقول: "قد قامت الصلاة" مرة واحدة لما روى أنس – رضي الله عنه –  قال: "أمر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة"4.

ثالثاً: الشافعية والحنابلة ذهبوا إلى أن الإقامة فرادى إحدى عشرة كلمة، إلا لفظ الإقامة "قد قامت الصلاة" فإنها تكرر مرتين لما روي عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال: "إنما كان الأذان على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة غير أنه يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة"5.

الترجيح:

والراجح – والله أعلم – أن القول الثالث أصح الأقوال، أو أن الأمر على التخيير بين هذا الرأي ورأي الحنفية، وأما حديث أنس فمقيد بحديث ابن عمر – رضي الله عنهما -.

اللهم وفقنا لكل خير، وادفع عنا كل ضير، وفقهنا في الدين، وعلمنا التأويل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، والحمد لله رب العالمين.


1 رجاله رجال الصحيح، وهو متصل لأن جهالة الصحابي لا تضر (نصب الراية ج1 ص266-267).

2 نصب الراية (ج1 ص267) أما الأذان فهو عندهم 15 كلمة.

3 رواه الترمذي برقم (177)، وقال حسن صحيح قال الشيخ الألباني: صحيح. انظر حديث رقم (2764) في صحيح الجامع.

4 رواه البخاري برقم (568).

5 رواه أبو داود برقم (429) وحسنه الألباني في المشكاة برقم (643).