ترغيب الصغار

 

 

ترغيب الصغار

الحمد لله رب العالمين، إله الأولين والآخرين وراحم الضعفاء والمساكين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، الهادي إلى صراط الله المستقيم، وعلى آله وصحبه الغرالميامين، أما بعد:-

لقد أنزل الله القرآن على نبيه وأمره بأن يبلغه إلى الناس جميعاً، وأن يتعبدوا الله بتلاوته وتدبره والعمل به، وإن من الواجبات على أولياء الأمور تربية أبنائهم على مائدة القرآن، وتعليمهم إياه وتحفيظهم له. فينبغي لولي الصغير والصغيرة أن يبدأ بتعليمهما القرآن منذ الصغر.

قال الحافظ السيوطي: تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام، فينشؤون على الفطرة، ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها، وسوادها بأكدار المعصية والضلال.

وأكد ابن خلدون هذا المفهوم بقوله: (تعليم الوالدين للقرآن شعار من شعائر الدين،أخذ به أهل الملة، ودرجوا عليه في جميع أمصارهم؛ لما يسبق إلى القلوب من رسوخ الإيمان، وعقائده، بسبب آيات القرآن، ومتون الأحاديث، وصار القرآن أصل التعليم الذي ينبني عليه ما يحصل بعد من الملكات).1

وهكذا كان دأب الصحابة -رضي الله عنهم-، حيث كانوا حريصين على تعليم أبنائهم القرآن..

 إن الأب والأم عندما يسمعان حديث النبي   وهو يخبر عن ذلك الثواب العظيم الذي يناله الوالدان بسبب تعليم أولادهم القرآن ليدفعهما ذلك إلى تعليم أبنائهم القرآن، وهذا الجزاء هو: (يتوجان يوم القيامة تاج الوقار). وكذلك فإن تلاوتهما القرآن لهي من أعظم المرغبات للطفل في تعلم القرآن، فهو ينظر إلى والديه ويقتدي بهما. فإن شاهد الطفل والديه يقرءان القرآن اقترب منهم، وأراد أن يشاركهم، وإذا رآهم ينصتون للقرآن بخشوع خشع معهم، وإذا شاهدهم يحفظون القرآن ويتذاكرونه فعل مثلهم، فيشب الطفل مع والديه وقد وقر في نفسه أن يعمل مثل عمل والديه.

عن عبد الله بن عيسى قال: (لا تزال هذه الأمة بخير ما تعلم ولدانها القرآن)، وعن ثابت بن العجلان قال: (إن الله -عز وجل- ليريد أهل الأرض بعذاب، فإذا سمع أصوات الصبيان يتعلمون الحكمة صرفه عنهم. قال مروان: الحكمة: القرآن).

إذن نستطيع أن نقول: إن أول وسيلة لترغيب الطفل في حفظ القرآن هو والداه من خلال أمرهما بحفظه وتعليمهما له، ومن خلال السلوك العملي لهما، فهو يتأثر بهما عندما يقرآن القرآن ويقلدهما ويحاكيهما في ذلك. وكذلك فإن على ولي أمر الغلام أن يدفع به إلى المدارس القرآنية والكتاتيب التي تعني بتحفيظ القرآن. وهذه الكتاتيب لا بد أن توجد لديها الوسائل التي ترغب الصغار في المجئ إليها وعدم الهرب منها.

فبعض المدرسين لا يضع السوط عن يده ويظل يضرب الطفل الصغير المسكين كلما أتى إليه، ولا مانع من استخدام العصا ولكن للضرورة، ولكن لا بد من وجود وسائل وأنشطة معينة تحبب الصغير في التحفيظ كالرحلات التربوية أو الترفيهية الهادفة، وإقامة اللقاءات الثقافية، وتشجيع المسابقات القرآنية أو الثقافية.

وتحفيز الطالب بشتى أنواع المحفزات وعلى رأسها تذكيره بالجنة وجزاء من حفظ القرآن،وكذلك الترغيب ببعض الهدايا والجوائز الرمزية، وذلك لكسب قلوبهم وتحبيبهم في التحفيظ وتحفيزهم لحفظ القرآن الكريم.

والحمد لله رب العالمين.

المرجع: (منهج التربية النبوية للطفل) لمحمد نور سويد.. بتصرف.


1– مقدمة ابن خلدون ص 397