الشرك

 

 

الشرك

الحمد لله رب العالمين، إله الأولين والآخرين، وجامع الناس إلى يوم الدين، المتفرد بالجلال والكمال والإكرام، لا إله معه ولا شريك، خلق كل شيء فقدره تقديراً، فله الحمد في الآخرة والأولى، والصلاة والسلام على البشير النذير، والسراج المنير؛ محمد بن عبدالله الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الكرام وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد خلق الله – تبارك وتعالى – الإنسان وأكرمه ونعَّمه، وأرسل إليه الرسل ليدلوه على الله – تبارك وتعالى -، وكانت الغاية من إرسالهم هي إفراد الله – تبارك وتعالى- بالعبادة قال – تعالى -: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}1، فأمروا بعبادة الله، وحذروا من الشرك بالله – تبارك وتعالى – لأنه أعظم ما عُصِيَ به منذ بدء الخلق إلى يومنا هذا، وقد وصف الله – تبارك وتعالى – هذا الذنب بالظلم العظيم فقال – تعالى -: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}2، وما ذلك إلا لما فيه من الجناية العظيمة في حق الخالق – تبارك وتعالى -، فإذا كان الله هو الذي خلق ورزق، وهو الذي يحيي ويميت، وينعم بكل هذه النعم والمنن؛ فكيف يحق للمشرك به أن يجحد ذلك كله وينكره، ويصرف عبادته وتعظيمه لغير الله – تبارك وتعالى-.

تعريف الشرك:

هو جعل شريك لله – سبحانه وتعالى – في ربوبيته أو إلهيته، والغالب هو الإشراك في الألوهية بأن يدعو مع الله غيره، أو يصرف له شيئاً من أنواع العبادة كالذبح، أوالنذر، أو الخوف، أو الدعاء3 قال المناوي – رحمه الله -: “الشرك إما أكبر وهو إثبات الشريك لله – تعالى -، أو أصغر وهو مراعاة غير الله في بعض الأمور”4 وهو الرياء.

الآيات الواردة في ذم الشرك:

لقد أنزل الله – تبارك وتعالى – ذم الشرك في كتابه الكريم، وحذرنا منه أيما تحذير كيف لا وهو اتخاذ الند لله – تبارك وتعالى -، واعتبره من الكبائر الموبقة، فإن من أشرك بالله – تعالى – فقد افترى إثماً عظيماً، وضل ضلالاً بعيداً؛ نسأل الله السلامة والعافية قال الله – تبارك وتعالى -: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَامَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاًفَخُورًا}5، وقال الله – تبارك وتعالى -: {إِنَّ اللّهَ لاَيَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}6، وقال الله – تبارك وتعالى -: {إِنَّ اللّهَ لاَيَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا }7، وقال: {حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}8، وقال الله – تبارك وتعالى – في وجوب البراءة من المشركين: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌمِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}9، وقال: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}10، وغير ذلك من الآيات.

الأحاديث الواردة في ذم الشرك:

وقد ورد ذم الشرك في أحاديث عدة سوف نستعرض بعضاً مما صح منها:

حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي    قال:

((اجتنبوا السبع الموبقات)) قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات))11.

ومنها حديث أبي ذر – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله  : ((آتاني آت من ربي فأخبرني – أو قال – بشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة))، قلت: وإن زنى، وإن سرق؟ قال: ((وإن زنى،وإن سرق))12.

ومنها حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله  : ((من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار)) وقلت أنا: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة”13.

وعن جابر – رضي الله عنه – قال: أتى النبي   رجل فقال: يارسول الله ما الموجبتان؟ فقال: ((من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار))14،وغير ذلك من الأحاديث.

أنواع الشرك:

والشرك بالله – تبارك وتعالى – ينقسم إلى قسمين:

1- شرك أكبر يخرج من الملة.

2- شرك أصغر لا يخرج من الملة.

قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي – رحمه الله – في نوعي التوحيد:

والشرك نوعان فشرك أكبر به خلود النار إذ لا يغفر
وهو اتخاذ العبد غيــر الله    نداً به مسويـاً مضاهي15

النوع الأول: شرك أكبر يخرج صاحبه من الملة، ويخلده في النار إذا مات ولم يتب منه،وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله؛ كالدعاء لغير الله، والتقرب بالذبح والنذر لغير الله من قبور وجن، والخوف من الموتى أو الجن أن يضروه أو يمرضوه، ورجاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله من قضاء الحاجات، وتفريج الكربات مما يفعله الصوفية والروافض حول قبور الصالحين وغيرهم كما يفعل في قبر الحسن والحسين، وكما يفعل في كربلاء، وعند قبر البدوي، والسيدة زينب، والجيلاني قال الله – تبارك وتعالى -: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَايَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}16، وقال عن هؤلاء المعبودين: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}17.

النوع الثاني: شرك أصغر لا يخرج من الإسلام لكنه ينقص التوحيد، وهو وسيلة إلى الوصول إلى الشرك الأكبر والعياذ بالله – تعالى -، وهو قسمان كما قال ذلك الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله -:

القسم الأول: شرك ظاهر وهو ألفاظ وأفعال، فالألفاظ كالحلف بغير الله قال  : ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك))18 صحيح رواه أبو داود وغيره، ونحو قوله “ما شاء الله وشئت”، ولما قال رجل للنبي  : ما شاء الله وشئت، قال  : ((أجعلتني لله نداً؟ قل ما شاء الله وحده))19 ونحو قوله: لولا الله وفلان، والصواب أن يقول: لولا الله ثم فلان، وما شاء الله ثم فلان.

وأما الأفعال فمثل لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه، ومثل تعليق التمائم خوفاً من العين وغيرها، هذا إن اعتقد أن هذه أسباب لرفع البلاء أو دفعه فهذا شرك أصغر لأن الله لم يجعل هذه أسباب، وأما إن اعتقد أنها هي بنفسها تدفع أو ترفع البلاء فهذا شرك أكبر لأنه تعلق بغير الله.

القسم الثاني: شرك خفي وهو الشرك في الإرادات والنيات كالرياء والسمعة وهو أن يعمل عملاً ممايتقرب به إلى الله – تعالى – يريد به ثناء الناس عليه، كأن يحسن صلاته، أو يتصدق لأجل أن يمدح ويثنى عليه، والرياء إذا خالط العمل أبطله قال – تعالى -: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}20؛ وقال النبي  : ((أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: يا رسول الله وما الشرك الأصغر؟ قال:((الرياء))2122.

بعض مظاهر الشرك:

وللشرك صور عديدة ورد النهي عنها في الشرع، وحذر منها العلماء، ومن ذلك:

1- الاستغاثة والتوسل بغير الله – تبارك وتعالى -: وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله – في التوسل ودعاء غير الله من الملائكة والأنبياء وغيرهم: “بعد موتهم عند قبورهم، وفي مغيبهم، وخطاب تماثيلهم؛ هو من أعظم أنواع الشرك الموجود في المشركين من غير أهل الكتاب، وفي مبتدعة أهل الكتاب والمسلمين الذين أحدثوا من الشرك والعبادات ما لم يأذن به الله – تعالى -، قال الله – تعالى -:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}23،

فإن دعاء الملائكة والأنبياء بعد موتهم، وفي مغيبهم، وسؤالهم، والاستغاثة بهم،والاستشفاع بهم في هذه الحال، ونصب تماثيلهم – بمعنى طلب الشفاعة منهم -؛ هو من الدين الذي لم يشرعه الله، ولا ابتعث به رسولاً، ولا أنزل به كتاباً، وليس هو واجباً ولا مستحباً باتفاق المسلمين، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا أمر به إمام من أئمة المسلمين، وإن كان ذلك مما يفعله كثير من الناس ممن له عبادة وزهد، ويذكرون فيه حكايات ومنامات؛ فهذا كله من الشيطان، وفيهم من ينظم القصائد في دعاء الميت، والاستشفاع به، والاستغاثة، أو يذكر ذلك في ضمن مديح الأنبياء والصالحين؛ فهذا كله ليس بمشروع، ولا واجب، ولا مستحب باتفاق أئمة المسلمين، ومن تعبد بعبادة ليست واجبة ولا مستحبة؛ وهو يعتقدها واجبة أو مستحبة؛ فهو ضال مبتدع بدعة سيئة لا بدعة حسنة باتفاق أئمة الدين، فإن الله لا يعبد إلا بما هو واجب أو مستحب”24.

2- الزيارة البدعية للمقابر: فإن المقصود الشرعي من الزيارة هو الدعاء للأموت،وتذكر الآخرة؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله  : ((زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة))25؛ أما إن كان القصد منها دعاء الميت، أو طلب الحاجات منه، أو الاستغاثة به؛ فهذه زيارة بدعية شركية – والعياذ بالله – قال العلامة الحافظ الحكمي – رحمه الله تعالى -:

ثم الزيارة على أقســـام   ثلاثــة يا أمة الإسلام
فإن نوى الزائر فيما أضمره في نفسه تذكرة بالآخرة
ثم الدعــاء له وللأموات   بالعفو والصفح عن الزلات
ولم يكن شد الرحال نحوها   ولم يقل هجر كقول السفهاء
فتلك سنة أتــت صريحة   في السنن المثبتة الصحيحة
أو قصد الدعـاء والتوسلا   بهم إلى الرحمـن جل وعلا
فبدعة محـــدثة ضلالـة بعيدة عن هدي ذي الرسالة
وإن دعا المقبور نفسه فقـد   أشرك بالله العظيـم وحجد
لن يقبل الله تعـــالى منه   صرفاً ولا عدلاً فيعفـو عنه
إذ كل ذنب موشك الغفران    إلا اتخـــاذ الند للرحمن26

3- الذبح لغير الله – تبارك وتعالى -: مع أن الله – تبارك وتعالى – يقول: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}27.

4- الحلف بغير الله – تبارك وتعالى – وقد تقدم.

5- الخوف من غير الله، والتوكل على غير الله، ومحبة غيره أشد من حبه – تبارك وتعالى-: والخوف من غير الله تبارك وتعالى – ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

1- قسم شرك بالله – تبارك وتعالى -.

2- وقسم محرم.

3- وقسم مباح

كما قال العلامةصالح بن عبد العزيز آل الشيخ:

“القسم الأول: الخوف الشركي وهو خوف السر، يعني: أن يخاف في داخله من هذا المخوف منه، وخوفه لأجل ما عند هذا المخوف منه مما يرجوه، أو يخافه من أن يمسه سراً بشيء،أو أنه يملك له في آخرته ضراً أو نفعاً، فالخوف الشركي متعلق في الدنيا بخوف السر، بأن يخاف أن يصيبه ذلك الإله بشر، وذلك شرك.

والخوف المتعلق بالآخرة معناه أن يخاف العبد غير الله، ويتعلق خوفه بغير الله من أن لا ينفعه ذلك الإله في الآخرة، فلأجل رغبة في أن ينفعه ذلك الإله في الآخرة، وأن يشفع له، وأن يقربه منه في الآخرة، وأن يبعد عنه العذاب في الآخرة؛ خاف منه، فأنزل خوفه به؛ فالخوف من العبادات العظيمة التي يجب أن يفرد الله – جل وعلا – بها،وسيأتي مزيد تفصيل لذلك.

والقسم الثاني: الخوف المحرم وهو أن يخاف من مخلوق في امتثال واجب، أو البعد عن المحرم مما أوجبه الله أو حرمه، كأن يخاف من مخلوق في أداء فرض من فرائض الله، وفي أداء واجب من الواجبات، فلا يصلي خوفاً من مخلوق، ولا يحضر الجماعة خوفاً من ذم المخلوق له، أو استنقاصه له؛ فهذا محرم، قال بعض العلماء: وهو نوع من أنواع الشرك،لأن ترك الأمر والنهي الواجب بشرطه خوفاً من ذم الناس، أو من ترك مدحهم له، أو من وصمهم له بأشياء؛ فيه تقديم لخوف الناس على خوف الله – تعالى -، وهذا محرم؛ لأن الوسيلة إلى المحرم محرمة.

القسم الثالث: الخوف الطبيعي المأذون به، وهذا أمر طبيعي كخوف من عدو، أو من سبع،أو من نار، أو من مؤذ ومهلك، ونحو ذلك.

وقال في قوله: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}28 أمر بالخوف منه – جل وعلا -، فدل على أن الخوف عبادة من العبادات، وتوحيد الله بهذه العبادة توحيد، وإشراك غير الله معه في هذه العبادة شرك؛ والخوف من الخلق – كما ذكرنا – في ترك فريضة الجهاد إنما يكون من جراء الشيطان، فالشيطان هو الذي يخوف المؤمنين من أوليائه، ويخوف أهل التوحيد وأهل الإيمان من أعداء الله – جل وعلا -لكي يتركوا الفريضة؛ فلهذا كان ذلك الخوف محرماً يعني: الخوف من الأعداء الذي يترتب عليه ترك فريضة من فرائض الله من الجهاد وغيره، والواجب ألا يخاف العبد إلا ربه – جل وعلا -، وأن ينزل خوفه به، وألا يخاف أولياء الشيطان”29.

مضار الشرك بالله – تبارك وتعالى -:

1- حبوط الأعمال وذلك لقول الله – تبارك وتعالى – لأكرم الخلق  : {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}30، وقال الله – تبارك وتعالى -: {ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}31.

2- الخلود في نار جهنم – والعياذ بالله تبارك وتعالى – فعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله  : ((من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار))، وقلت أنا: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة))32، وعنه – رضي الله عنه – قال: قال النبي   كلمة وقلت أخرى، قال النبي  : ((من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار، وقلت أنا: من مات وهو لا يدعو لله نداً دخل الجنة))33.

3- الشرك بالله من أعظم المعاصي لقول الله – تعالى -: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}34.

هذا ما تيسر القول في هذا المقام، ونسأل الله – تبارك وتعالى – أن يجعلنا من الموحدين المخلصين له، وأن يجنبنا الشرك في القول والعمل، وأن يجنبنا الزلل بمنه وكرمه، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


1 سورة النحل (36).

2 سورة لقمان (13).

3 الكبائر لمحمد بن عبد الوهاب (1/28).

4 التوقيف (203).

5 سورة النساء (36).

6 سورة النساء (48).

7 سورة النساء (116).

8 سورة الحج (31).

9 سورة البقرة (221).

10 سورة الأنعام (106).

11 رواه البخاري في صحيحه برقم (2615)؛ ومسلم برقم (89).

12 رواه البخاري في صحيحه برقم (1180)؛ ومسلم برقم (199).

13 رواه البخاري في صحيحه برقم (1181)؛ ومسلم برقم (92).

14 رواه مسلم في صحيحه برقم (93).

15 معارج القبول (2/475).

16 سورة يونس ( 18).

17 سورة الأعراف (194).

18 رواه أبو داود في سننه برقم (3251)؛ والترمذي برقم (1535)؛ وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (2787)؛ وفي السلسلة الصحيحة برقم (2042).

19 رواه أحمد في المسند برقم (1839)، وقال شعيب الأرناؤوط: صحيح لغيره؛ وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (139).

20 سورة الكهف (110).

21 رواه أحمد في المسند من حديث محمود بن لبيد – رضي الله عنه – برقم (23686)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح؛ وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (32)؛ وفي السلسلة الصحيحة برقم (951).

22 الكبائر لمحمد بن عبد الوهاب (1/29-30).

23 سورة الشورى (21).

24 مجموع الفتاوى (1/159-160).

25 رواه ابن ماجه في سننه برقم (1569)؛ وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم (1275).

26 معارج القبول (1/35).

27 سورة الأنعام (162-163).

28 سورة آل عمران (175).

29 التمهيد لشرح كتاب التوحيد (2/18-20).

30 سورة الزمر (65).

31 سورة الأنعام (88).

32 رواه البخاري في صحيحه برقم (1181)؛ ومسلم برقم (92).

33 رواه البخاري في صحيحه برقم (4227).

34 سورة لقمان (13).