دروس المسجد

 

 

دروس المسجـد

لحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين،وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن أحداً لا يمكنه جهل دور المسجد في توعية الناس، وتبيين الحقائق، وإسداء النصيحة، وتنمية المعرفة، وتحصين الجيل من الغزو الثقافي، وتثقيفه وتوجيهه وغرس التربية الإيمانية فيه.

فدور المسجد أمر ملموس، وظاهر للعيان؛ فكم تخرج من المسجد من العلماء والفقهاءوالخطباء والوعاظ البلغاء.

ومما جاء في الشرع من الحث على التعليم في المسجد ما ثبت عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال رسول الله  : (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينةوغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده)1.

إن المسجد جامعة كبرى لإمداد المجتمع الإسلامي بالعاملين في كل مجالات الحياة، فهو يقوم بالتربية الروحية للطالب ويهيئه للمستقبل الإيماني له لذا ينبغي أن يقام المسجد حسب المواصفات الحديثة وتقام حوله الكليات والمعاهد وملحقاتها من معامل ليكون ارتباط الطالب بالمسجد وكلياته في آن واحد.

ولكن لا يمكن أن يحقق المسجد الدور المرجو منه إلا بأن يكون على الصفة التي أراد الله أن يكون عليها كما كان في عهده -صلى الله عليه وسلم-، وفي عهد خلفائه الراشدين.

ومن الصفة التي كان عليها المسجد في عهد الرسول، وفي عهد خلفائه الراشدين هو إقامةالدروس العلمية النافعة، وإليك بعض الهمسات التي يمكنك اتباعها عند إقامة الدروس في المسجد ، فأقول:

أولاً: كتب مقترحة لتدريسها:

1. كتب في العقيدة:

كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب، وليرجع إلى شروحه؛ ككتاب: ” القول المفيد” لابن عثيمين. وكتاب: ” قرة عيون الموحدين” وكتاب : ” فتح المجيد”.

متن سلم الوصول، لحافظ حكمي، وليرجع إلى شرحه: ” معارج القبول” له.

الثلاثة الأصول، وكشف الشبهات، لمحمد بن عبد الوهاب.

مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم المصنفة في العقيدة، كالواسطية، والحموية، والتدمرية، وغير ذلك من الكتب المستمدة من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة،المؤيدة بالدليل.

2. كتب في التفسير:

عُشر القرآن.

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لابن سعدي.

تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير.

3. كتب الحديث:

“جامع العلوم والحكم” للعلامة ابن رجب.

رياض الصالحين مع شرحه للعلامة ابن عثيمين.

تيسير العلام شرح عمدة الأحكام، لعبد الله البسام، وغير ذلك من الكتب المطولة المؤلفة في الحديث؛ كصحيح البخاري مع شرحه لابن حجر، وصحيح مسلم مع شرحه للنووي،وما إلى ذلك من الكتب النافعة.

4. كتب في الفقه:

الملخص الفقهي للفوزان.

“نيل الأوطار” للشوكاني، وغير ذلك من المؤلفات القيمة النافعة الموثقة بالدليل الصحيح.

5. كتب في السيرة:

الرحيق المختوم، للمباركفوري.

صحيح السيرة، للألباني.

الشمائل للترمذي، مع الرجوع إلى مختصر الشمائل للألباني لمعرفة صحة الحديث من ضعفه.

6. كتب متفرقة:

الوابل الصيب لابن القيم، فهو كتاب قيم في الأذكار.

التبيان في آداب حملة القرآن للنووي، فهو كتاب مفيد في حفظ القرآن، والأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بها معلم القرآن ومتعلمه وقارئه. وغيرها من الكتب.

ثانياً: الأوقات المقترحة لإقامة الدروس المسجدية:

لكل مسجد ظروفه وأحواله، ولكل قوم شأن خاص بهم، فينبغي اختيار الأوقات التي تناسب المصلين، فلا تقام الدروس في أوقات تزعج المصلين، أو يكون أغلبهم فيها مشغولين، ومن أفضل الأوقات في إقامة الدروس القصيرة المختصرة: بعد الفجر وبعد العشاء وبعد العصر.ويمكن أن تقام دروس مطولة في أوقات أخرى مثل: بعد المغرب أو بعد الفجر لخواص طلاب العلم.

ولا بد هنا من التذكير بعدة أمور:

1. ينبغي الاستمرارية في إلقاء الدروس، وعدم الانقطاع إلا لعذر ضروري.

2. على القائمين على المسجد أن يقوموا بالتوعية بأهمية حضور هذه الدروس، وذلك من خلال الإعلانات، وما أشبه ذلك من الأمور التي فيها الدلالة على الخير حتى يحضر أكبر عددممكن.

3. أن يقوم القائمون على المسجد بتوفير الكتب التي تدرس في المسجد لمن يواظب على الحضور على أن يدفع المستفيد جزء من قيمة الكتاب، والبقية يقوم بتوفيرها القائمون على المسجد ما استطاعوا إلى ذلك، حتى يكون هناك تحفيز لزيادة الحضور، وللاستفادة أكثر؛ لأن صاحب الكتاب يتابع الشيخ، ومن ثم يراجع في البيت ما تعلمه، ولأن فيه نشراً لمؤلفات هؤلاء العلماء الربانيين بين الناس.

4. نوصي بالتنويع في الدروس، والتجديد في إقامة الدروس، والتشويق للدرس من خلال ضرب الأمثلة الواقعية، والقصص المؤثرة القديمة أو المعاصرة، وذكر بعض الملح والنكت المتعلقة بالدرس، وأن لا يقتصر على قراءة الكتاب فقط، بل عليه أن يحرص على إضافة معلومات جديدة، وفك المعاني والمصطلحات الغامضة.

5. أن يختار الوقت المناسب لإقامة الدرس له وللحاضرين، حتى يتسنى له ولمن يدرسهم الحضور بتفرغ ذهن، وحضور عقل، وينبغي مراعاة أوقات الحاضرين والاتفاق –في الدروس الخاصة- على وقت يناسب الجميع.

وفي الأخير فكل إمام مسجد أعرف بالوقت المناسب له وللمصلين في إقامة الدروس، ومدة إقامة الدرس. والله الموفق.


1  رواه مسلم.