الفظاظة مع الطلاب

الفظاظة مع الطلاب

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإنَّ من أهم مميزات الدين الإسلامي أنه دين التسامح والرفق واللين في التعامل مع الآخرين، ولذلك فقد جاءت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة بالحث على التحلي بالخلق الحسن، وفي المقابل جاءت نصوص كثيرة بالتحذير من ضد ذلك؛ كالغلظة والفظاظة في الفعل أو القول، إلاَّ في ظروف ومواقف تستدعي الغلظة والشدة في القول أو الفعل.

ولقد كان نبينا محمد-عليه الصلاة والسلام-في قمة البشر المتحلين بالأخلاق الرفيعة، ففي خلق الرفق واللين نفى الله عنه ما يناقض ذلك، فقال-تعالى-: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}سورة آل عمران(159). وقد أمر الله نبيه محمداً-صلى الله عليه وسلم-بأن يقولوا القول الحسن، وترك السيئ منه، فقال-تعالى-: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} سورة الإسراء(53). بل لقد حث على خلق الرفق في أحاديث كثيرة؛ فمن ذلك قولُهُ-صلى الله عليه وسلم-:(ما كان الرفقُ في شيءٍ إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شأنه)1. لهذه الأدلة وغيرها فإننا نحث محفظي القرآن الكريم، والقائمين على التحفيظ من مدير وإداريين بأن يكونوا على مستوى رفيع من التحلي بخلق الرفق واللين عند تعاملهم مع تلاميذهم أو مع غيرهم. ولا مانع من أن يغلظوا  في القول، ولكن في مواقف تستدعي ذلك، ولكن ليكن أغلب أحوالهم هو التحلي بخلق الرفق واللين، وذلك لأن خلق الرفق واللين ما كان في شيء إلا زانه وحسنه وهذبه وجعله أكثر قبولاً عند الآخرين، وما فقد من شيء إلا شانه، وقبحه وجعله أكثر إعراضاً ورفضاً من قبل الآخرين.

وإنَّ مِمَّا يُؤسف له، ويُحزن عليه أن نرى ونسمع عن كلماتٍ نابية وسيئة تصدر من قبل بعض المحفظين لكتاب الله. إنه كلمات فعلاً تضر في المقام الأول قائلها، وتشوه سمعته، وتجعل تلاميذه لا يعلمون بتوجيهاته، إضافة إلى أنها تؤدي إلى نفور التلاميذ عن حفظ كتاب الله؛لأنهم يرون من يظنون أنه قدوة تصدر منه تلك الأقوال فيزهدون عن حفظ كتاب الله الكريم؛بسبب مقولة قالها ذلك المدرس أو ذلك الإداري أو ذلك المدير في مدرسة من المدارس. فاللهَ اللهَ في حسن التعامل مع الآخرين، والتجاوز عن عثرات ذوي الهيئات، والله نسأل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.


1 – رواه مسلم.