ترك الطمأنينة في الصلاة

ترك الطمأنينة في الصلاة

 

حمداً لله على نعمائه، وصلاة وسلاماً على خير أنبيائه، وعلى آله وصحبه واتباعه.

أما بعد:

فإن مما ينبغي التنبيه عليه، والتنبه له؛ الطمأنينة في الصلاة، وذلك أنها ركن من أركان الصلاة، بل عدَّها العلماء ركناً أساسياً من أركان الصلاة، والركن كما هو معلوم لا يسقط بالعمد ولا بالنسيان، ولا يُجبر بسجود السهو، وإنما يجب على من أخلَّ به أن يعيد الصلاة؛لحديث المسيء في صلاته؛ فعن أَبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، أنَّ رجلاً دخل المسجد، ورسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-جالس في ناحية المسجد، فصلَّى ثم جاء فسلم عليه، فقال له رسولُ اللَّه: (وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، فَرَجَعَ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ، فَقَالَ:" وَعَلَيْكَ السَّلامُ، فَارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فعَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:"إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًاً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا)1. وترك الطمأنينة يكون بعدم استقرار الظهر في الركوع والسجود، وعدم إقامته بعد الرفع من الركوع واستوائه في الجلسة بين السجدتين، ولذلك فقد قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود)2. وَالْعَمَلُ بهذا الحديث عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَرَوْنَ أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فلقد رَأَى حُذَيْفَةُ -رضي الله عنه-رَجُلًا لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فقَالَ: (مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مُتَّ، مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهَا)3. وكَانَ أَنَسٌ -رضي الله عنه- يَنْعَتُ-يصف-صَلَاةَ النَّبِيِّ-صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَكَانَ يُصَلِّي، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى نَقُولَ قَدْ نَسِيَ4. فإذا كانت الطمأنينة في الصلاة ركناً من أركان الصلاة، فإنه يجب على المنفرد والإمام والمأموم وكل مصلٍ أن يحرص عليها. و يجب على الإمام بوجه خاص أن يطمئن في صلاته، و يُمكِّن أعضاءه من الاستقرار في كلِّ ركنٍ من أركان الصلاة حتى يتمكن المأموم من إدراكه، فإن الإمام إذا أحسن في صلاته فله ولمن صلَّى خلفه، وإذا أساء فإساءته عليه وعلى من صلى خلفه؛ لقوله-عليه الصلاة والسلام-: (الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين)5. وقال-صلى الله عليه وسلم-: (يصلون لكم, فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم)6. فاللهَ اللهَ في الطمأنينة في الصلاة، والحذرَ الحذرَ من ضدِّ ذلك، والله الموفق، وهو المستعان وعليه التكلان.


1 – أخرجه البخاري ومسلم.

2 – رواه أبو داود، وهو في صحيح الجامع( 7224).

3 – أخرجه البخاري.

4 – أخرجه البخاري.

5 – أخرجه أبو داود وغيره.

6 – أخرجه البخاري.