الزيادة على الأذان المشروع

الزيادة على الأذان المشروع

 

يوجد في العالم الإسلامي بعض الطوائف التي زادت في الأذان زيادات لم تثبت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بل إن بعضها من البدع المغلظة. فمن المعلوم أن الأذان الثابت في الإسلام هو:

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد ألا إله إلا الله، أشهد ألا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.

وقد ثبتت فيه كيفيتان أخريتان: أحدهما: الله أكبر، الله أكبر.. مرتين فقط في البداية، ثم بقية الأذان كما سبق. والثانية:  ترجيع الشهادتين مرتين إضافة إلى ما سبق بصوت منخفض، ثم بقية الأذان كما سبق في الكيفية الأولى. فهذا هو الأذان المشروع الذي اتفق عليه المسلمون الأوائل.

فجاء الخلف من بعدهم فزادوا كلمات وألفاظ قبل الأذان وأثناءه وبعده، وهذه من البدع التي نهى عنها النبي – صلى الله عليه وسلم-.

ومما زاده هؤلاء في الأذان، قراءة آيات من القرآن قبل وبعد الأذان، ومنها على سبيل المثال قرأة بعض المؤذنين قبل الأذان في بعض الدول: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} وقراءة بعضهم: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} وهذا تفعله الشيعة والصوفية.

وقال ابن حجر في فتاويه: قد أحدث المؤذنون الصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عقب الأذان(1). أي بصوت مرتفع يشبه صوت الأذان، وإلا فالصلاة والسلام على رسول الله مشروع بعد الأذان لكن بصوت منخفض.

ومما أحدثه الناس في الأذان التسبيح والنشيد، ورفع الصوت بالدعاء في المآذن، في آخر الليل وأول النهار، وقبل صعود الإمام إلى المنبر يوم الجمعة لخطبة الأنام، وقد نص على عدم جواز ذلك علماء الإسلام، فقد قال ابن الجوزي – رحمه الله- في تلبيس إبليس: وقد رأيت من يقوم بالليل كثير على المنارة، فيعظ ويذكر، ويقرأ سورة من القرآن بصوت مرتفع، فيمنع الناس من نومهم، ويخلط على المتهجدين قراءتهم، وكل ذلك من المنكرات.

وقال ابن الحاج في المدخل: وينهى المؤذنون عمّا أحدثوه من التسبيح بالليل، وإن كان ذكر الله – تعالى- حسناً سراً وعلناً، لكن في المواضع التي تركها الشارع – صلوات الله وسلامه عليه-، ولم يعين فيها شيئاً معلوماً.

وقال أيضاً: وينهى المؤذنون عما أحدثوه من التذكار يوم الجمعة، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يفعله، ولا أمر به، ولا فعله أحد من بعده من السلف الماضيين – رضي الله عنهم – بل هو قريب العهد بالحدوث.

وأما في أثناء الأذان فقد أضاف الناس كلماتٍ وألفاظٍ ليس عليها دليل، وليس عندهم من الله فيها برهان، ومنها زيادة لفظة (سيدنا) في ألفاظ الإقامة، وزيادة (حي على خير العمل) كما تفعله الشيعة الروافض والزيدية، عند الأذان والإقامة، وزيادة الشيعة الروافض: جملة كاملة في ألفاظ الأذان: (أشهد أن علياً ولي الله) وهذا مما لا يجوز زيادته في الأذان، وكأنهم يتهمون النبي بعدم البيان، والدين بالنقصان، ولأن الأذان عبادة مستقلة لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان، وفي هذه المسألة يقول الشيخ القاسمي: إن ألفاظ الأذانين مأثورة متعبد بها، رويت بالتواتر خلفاً عن سلف، في كتب الحديث الصحاح والحسان والمسانيد والمعاجم، ولم يروِ أحد قط استحباب هذه الزيادة- يقصد لفظة (سيدنا)- عن صحابي ولا تابعي، بل ولا فقيه من فقهاء الأئمة ولا أتباعهم.

وإنك لتعجب من حال بعض مساجد البدعة، تجد الأذان و الإقامة يستغرقان وقتاً أكثر من وقت الصلاة نفسها، بدءً من قراءة الآيات قبل الأذان، ثم الأذان بثمانية عشرة لفظة، ثم بعد ذلك الصلاة والسلام على رسول الله، ثم بعد ذلك الإقامة نفس الأذان، أضف إلى ذلك التمطيط والتطريب والتلحين في الأذان.

ثم بعد ذلك تراه ينقر الصلاة نقر الغراب، فلا يتم لها ركوعاً ولا سجوداً ولا خشوعاً!.

ويظل الإنسان حيران من أين أتى الناس بهذه البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان؟- ولاحول ولاقوة إلا بالله-.


1– انظر إصلاح المساجد للقاسمي ص133-134.