إساءة الروافض والصوفية والنواصب لآل البيت

إساءة الروافض والصوفية والنواصب لآل البيت

 

لقد أرسل الله محمداً-صلى الله عليه وسلم-على حين فترة من الرسل,فأنار الله بدعوته الأرض،وقد ظل رسول الله عمراً من حياته يدعو إلى الهدى ودين الحق،حتى تمكن من حمله رجال لم يعلم لهم مثيل بعد الأنبياء، ثم حمل الدين من بعدهم رجال صالحون وعلماء عاملون–رحم الله الجميع-. وقد أثنى رسول الله على صحبه الكرام،وكان أن خص بالثناء منهم أهل بيته،حيث بين فضلهم وخصوصياتهم وما يجب لهم، إلى يوم القيامة.. وقد افترق الناس  في آل البيت، فهلكوا ونجا أهل السنة،وهذا بحكم علي-رضي الله عنه-حيث قال: (يهلك فيّ رجلان: مفرط في حبي، ومفرط في بغضي)1،وأهل السنة وسط بين طرفين، وقد سلك أهـل الزيغ في آل البيت مسلكين: مفرط في الحب، وهم الروافض والصوفية، ومفرط في البغض وهم النواصب.

المسلك الأول

 مسلك الرافضة والصوفية

معتقد الرافضة في آل البيت :

غلا الرافضة في محبتهم كما غلت النصارى في المسيح، وقالوا: لا ولاء إلا ببراء، أي: لا يتولى أهل البيت حتى يتبرأ من أبي بكر وعمر-رضي الله عنهما-.وأطلقوا (النَّصْب)على من تولى الشيخين-رضي الله عنهما-؛ بناءً على أن:(من أحبهما فقد أبغض عليًّا)، و (من أبغضه فهو ناصبي)،وهاتان مقدمتان، أولاهما باطلة.ورفعوهم فوق منزلتهم، وادعوا لهم ما لم يثبت،بل ما لا تقبله العقول!

وقد تبرأ خيرة آل البيت من تلك المحبة،ودعوا إلى الاعتدال فيها، قال علي بن الحسين -رحمه الله-:(يا أيها الناس أحبونا حب الإسلام، فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عاراً)2، وعن الحسن بن الحسن أنه قال لرجل يغلو فيهم:(ويحك! أحبونا لله،فإن أطعنا الله فأحبونا، وإن عصينا الله فأبغضونا، ولو كان الله نافعاً أحداً بقرابة من رسول الله بغير طاعة، لنفع بذلك أباه وأمه، قولوا فينا الحق، فإنه أبلغ فيما تريدون، ونحن نرضى منكم).3

قول الرافضة بإمامة الاثني عشر:  

      الإمامة عندهم في المرتبة الرابعة من أصول الدين،بعد التوحيد والعدل والنبوة، فزعموا فيها أنَّ النَّبيَّ نصَّ على إمامتهم نصَّاً جليَّاً أو خفيَّاً.ومن أصول الرافضة في الإمامة:

أ – أن هؤلاء الأئمة معصومون كعصمة الأنبياء.

ب- أن كل ما يقولونه فقد تلقوه عن النبي.

ج- أن إجماع العترة(وهم الأئمة الاثني عشر)حُجة،وأن كل ما قاله أحدهم فقد أجمعوا عليه كلهم!.

وبراءة آل البيت من لزوم طاعتهم على ما قرره الرافضة ثابتة: فعن علي بن الحسين أنه قال:(من زعم منا أهل البيت أو غيره أن طاعته مفترضة على العباد فقد كذب علينا، ونحن منهم براء، فاحذر ذلك، إلا لرسول الله ولأولي الأمر من بعده).4 وعن أبي جعفر محمد بن علي،قال: (يزعمون أني مهدي، وإني إلى أجلي أدنى مني إلى ما يدَّعون).5

انحرافُ الرَّافضةِ في أئمتِهم:

وقدْ بَلَغَ مَبْلَغَاً عَظِيْمَاً،ومن صُوَرِهِ:

أولاً: اختلافهم في تعيين الأئمة اختلافاً متبايناً، كلٌّ يدعي الحق دون حجة ولا برهان.

ثانياً: مخالفتهم لأئمتهم، حيث فارقوا أهل السنة والجماعة.   

ثالثاً: أن الرافضة لا يهتمون بتمييز المنقولات عن الأئمة، ولا خبرة لهم بالأسانيد ومعرفة الثقات.

رابعاً: كذب الرافضة على أئمتهم:

فلم يقفوا عند حدّ القصور في تمييز المنقولات، وقد عظم كذبهم، لاسيما على جعفر الصادق، فإنه ما كُذب على أحد مثل ما كذب عليه،حتى نسبوا إليه:

كتاب الجَفْر، والبطاقة، والهَفْت، واختلاج الأعضاء، وجدول الهلال، وأحكام الرعود والبروق… وغيرها.

خامساً: اتباع الرافضة لشيوخهم لا لأئمتهم:

فقد مات الأئمة من سنين كثيرة، فأين مهديّهم؟! والذين يوجهون الرافضة هم الشيوخ، أو كتب صنفها الشيوخ.

سادساً: سخافة قول الرافضة في أئمتهم:

وماذا حصّلوا من انتظارهم إمامهم المزعوم محمد بن الحسن العسكري إلا العناء وسخرية العقلاء بهم؟!.

سابعاً: زعمهم اختصاص آل البيت  بشيء من التشريع، لم يعلم به غيرهم:

ومن ذلك: زعمهم اختصاصهم بمصحف فاطمة،ويكفينا هنا رد علي نفسه لما سئل: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما كان في كتاب الله؟ قال: (لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة،ما أعلمه إلا فهماً يُعطيه اللهُ رَجُلاً في القُرآنِ…)6،ولمسلم:(ما خصَّنا رسولُ اللهِ بشيءٍ لم يعمَّ به النَّاسَ كافَّة)7.

ثامناً: شرك الرافضة في أئمتهم:

حيث ينسبون إليهم أفعالاً لا تليق إلا بمقام الربوبية، وتأمل هذه القصة: عن القاسم المطرّز، قال: دخلت على عبّاد الكوفة، وكان يمتحن الطلبة، فقال: من حفر البحر؟ قلت: الله، قال: هو ذاك، ولكن من حفره؟ قلت: يذكُرُ الشيخ، قال: حفره علي!! فمن أجراه؟ قلت: الله، قال: هو كذاك، ولكن من أجراه؟ قلت: يفيدني الشيخ، قال: أجراه الحسين، وكان ضريراً، فرأيت سيفاً وحَجَفَة، فقلت: لمن هذا؟ قال: أعددته لأقاتل به مع المهدي، فلما فرغت من سماع ما أردت، دخلت عليه، فقال: من حفر البحر؟ قلت: حفره معاوية -رضي الله عنه-، وأجراه عمرو بن العاص، ثم وثبتُ وعَدَوْتُ، فجعل يصيح: أدركوا الفاسق عدوّ الله، فاقتلوه.8

حقيقة مذهب الرافضة:

والحقيقة التي ينبغي أن تُعلم: أنَّ كُلَّ ما يدعيه الرافضةُ لآل البيت، لم يكن مودة لآل البيت، ولا محبة فيهم! فإن القوم قوم بُهت، وأهل كيد وخداع، وإن وراء الأكمة ما وراءها،ويشهد التاريخ أنهم كادوا للإسلام ويكيدون له؛فهم قوم منافقون، قال الإمام الدارمي:(حدثنا الزهراني أبو الربيع قال: كان من هؤلاء الجهمية رجل، وكان الذي يظهر من رأيه الترفض وانتحال حب علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-، فقال رجل ممن يخالطه ويعرف مذهبه: قد علمت أنكم لا ترجعون إلى دين الإسلام ولا تعتقدونه، فما الذي حملكم على الترفُّض وانتحال حب علي؟ قال: إذن أصدقك أنا، إنْ أظهرنا رأينا الذي نعتقده رُمينا بالكفر والزندقة،وقد وجدنا أقواماً ينتحلون حب علي ويظهرونه، ثم يقعون بمن شاؤوا،ويعتقدون ما شاؤوا، ويقولون ما شاؤوا، فنُسبوا إلى التشيع، فلم نر لمذهبنا أمراً ألطف من انتحال حب هذا الرجل،ثم نقول ما شئنا،ونعتقد ما شئنا،ونقع بمن شئنا، فلأن يُقال لنا:رافضة أو شيعة،أحب إلينا من أن يُقال زنادقة كفار،وما علي عندنا أحسن من غيره ممن نقع بهم!!. ثم قال: وصدق هذا الرجل فيما عبر عن نفسه ولم يراوغ. وقد استبان ذلك من بعض كبرائهم وبصرائهم… ولئن كان أهل الجهل في شك من أمرهم، إن أهل العلم منهم لعلى يقين).9

مُعتقدُ الصُّوفيَّةِ في آلِ البيتِ:

والصوفية يرون أن آل البيت هم خواص الأمة؛ومن هنا أتى غلوهم في الأولياء. وينبغي أن يعلم أن لهم اصطلاحاً في الولاية يخالف اصطلاح أهل السنة، فأهل السنة يعرفون الولي بأنه: كل مؤمن تقي.

أما ولي الله عند الصوفية فهو: من اختاره الله وجذبه إليه،ولا يشترط الصلاح ولا التقوى عندهم، بل هي وَهْب إلهي دون سبب ولا حكمة، وجعلوا المجاذيب والمشعوذين والكهنة والعرافين والمجانين والفسقة والظلمة أولياء!! وقسموا الأولياء إلى مراتب: الغوث،   والأبدال، والنجباء، ولكل منهم تصرف في الكون حسب مرتبته!!.

والمطلع على حقيقة مذهبي الرافضة والصوفية يجد الأصل واحداً، والغاية واحدة، كما يجد الاشتراك في كثير من العقائد والشرائع10، وخير مثال على ذلك ما نحن بصدده، وهو:

1- الإمامة الشيعية والولاية الصوفية:

زعم الرافضة أن أئمتهم مختارون من الله، خُصوا بخصائص دون غيرهم،ورفعوهم فوق مقامات الأنبياء،وهذا نفسه ما ادَّعاه الصوفية لأوليائهم،وكما جعل الرافضة للأئمة مقامات بعد مقام الولاية كالنقباء،وهم وكلاء الإمام…،فقد جعل الصوفية المقام الأعظم للقطب الغوث،ثم الأبدال السبعة،ثم النجباء السبعين!!!!.

2- تقديس القبور وتعظيم المشاهد:

الشيعة أول من بنى المشاهد والمساجد على القبور في الإسلام،وكان ذلك منذ بداية القرن الثالث الهجري،ولكن بعض خلفاء بني العباس شرعوا يهدمونها… ونسج الصوفية على المنوال نفسه؛فجعلوا أهم مشاعرهم:تعظيم القبور والأضرحة،والطواف والتبرك بها!

ولعل من الأمثلة على شدة التقارب بين الفئتين:ما قام به الرافضة في بلد إسلامي من بناء مسجد عظيم أنفقوا فيه بسخاء على مقام (السيدة زينب)، وهو من المقامات التي أنشأها الصوفية، بل صار مزاراً عظيماً للرافضة!! ويكفي في بيان التقارب: أن التشيع ما دخل إفريقيا في العصر الحديث إلا عن طريق الصوفية التي كانت ضاربة أطنابها في إفريقيا ولا زالت،بل إن دولة العبيديين (الفاطميين) كانت تسعى لنشر التشيع والرفض، وما أراد العبيديون أصلاً بإنشاء الأزهر إلا ليكون معلماً للرفض، ومركزاً لنشر تلك العقيدة المزيفة، ولكن الله رد كيدهم، ولما سقطت دولتهم على يد صلاح الدين، الذي أعاد الله به ضياء السنة، بقي دين الرفض مختبئاً، واتخذ طريق التصوف أسلوباً وسبيلاً لمحاولة بقائه.

المسلك الثاني من مسالك

 أهل البدع في آل البيت

سبهم وتكفيرهم، كما يفعلون مع بقية الصحابة -رضي الله عنهم-، وهذا مسلك المارقة الخوارج الحرورية.

والأدلة على تحريم سب الصحابة وآل البيت ظاهرة، وأقوال السلف في حبس سابّهم وعقوبته متكاثرة، قال -تعالى-: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) الهمزة: 1، وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإثْماً مُّبِيناً) الأحزاب: 58، والله -تعالى- قد رضي عن الصحابة رضاءً مطلقاً، فقال: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) التوبة: 100، فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان، ولم يرض عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان، ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً.

ونحن نبرأ إلى الله من فعل الخوارج الذين يُناصبون الصحابةَ وآلَ البيتِ العداءَ، والذين قتلوا عليَّاً على يد ابن ملجم-عليه من الله ما يستحق-. كما نبرأ من صنيع الروافض والصوفية وافترائهم وبهتانهم11.

فالمنهج الحق الذي يدل عليه القرآن الكريم والسنة المطهرة هو حب الصحابة الكرام، وآل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-حباً لا يخرجهم عن بشريتهم، وبغض من عاداهم أو خاض في أعراضهم.

فيا جرئياً ومغروراً بنفسه عجباً لك! كيف جرأ لسانك على الكلام في أقوام قد حطوا رحالهم في الجنة! ويا غالياً في البشر أما علمت أنك اعتقدت فيهم ما هو من خصوصية الله -تبارك وتعالى-؟!

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10)

 اللهم صلِّ على رسولك محمد,وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.


1– ذكره صاحب كنز العمال برقم (31633) عن ابن منيع، وقال: رواته ثقات.

2– أخرجه اللالكائي (7/1398).

3– المصدر السابق.

4– المصدر السابق.

5– سير أعلام النبلاء (4/407).

6– رواه البخاري (3047) ومسلم (1370).

7– برقم (1978).

8– سير أعلام النبلاء (11/538). وإسناد القصة صحيح.

9 الرد على الجهمية، ص179 -180.

10 انظر: (الفكر الصوفي) لعبد الرحمن عبد الخالق.

11– الموضوع منقول من (مجلة البيان 100/8) مع التصرف للأهمية.