زيارة الدكاكين

زيارة الدكـاكين

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمةً للعالمين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى صحابته الراشدين، على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن الدعوة إلى الله وظيفة الأنبياء والمرسلين، والعلماء والدعاة المخلصين، وهي مسؤولية جميع المسلمين، كل بحسب قدرته واستطاعته، فالعلماء والدعاة عليهم الحظ الأوفر في نشرها، وتعليم الناس إياها، وعرضها عليهم كما ينبغي.

والأمراء والولاة والحكام عليهم القيام بواجب نشرها، وعدم وضع حواجز أو معوقات تعوق الدعاة والعلماء من إيصال الدعوة إلى جميع الميادين.

وكذلك التجار والعمّال عليهم الدعوة لمن حولهم، وجميع من يقدرون على إيصال الدعوة إليهم، ولو بالمعاملة الحسنة، وإظهار محاسن الدين الإسلامي وأخلاقياته.

ولكن أخص في المقام الأول الدعاة إلى لله في أن يتنبهوا إلى فئة من الناس، وهم أصحاب الدكاكين والمحلات التجارية!.

 فيا أيها الدعاة إلى الله أحسنوا معاملة الناس، وعرض الخير عليهم، وقوموا برسالتكم، وبلغوا عن الله دينه.

أنت أيها الداعية إلى الله أرى وترى كثيراً من أصحاب الدكاكين والمحلات التجارية، ربما يؤخرون الصلوات عن أوقاتها، ويؤذن للصلاة، وتقام الصلاة، ويسمعون تلاوة القرآن في الصلاة، ولم يجيبوا النداء، بل إن كثيراً منهم لا يصلي الصلاة مع الجماعة، ومنهم من لا يصلي أبداً- عياذاً بالله من الخذلان-.

وبعضهم عنده من المنكرات في محله الشيء الكثير، من بيع للمخدرات، وأشرطة الغناء المحرم، وصور خليعة، ومجلات هابطة.

فما هو واجب كل منا: هل أخذنا على أيديهم وأرشدناهم، وبينا لهم خطورة المنكرات تلك، وهل قمنا بمسؤولية الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة؟

إذن فلنتجه إلى تلك الفئة من الناس لدعوتهم إلى الله، وتعليهم ما يجب عليهم تجاه الله ثم تجاه خلقه،  في مختلف المعاملات، ومختلف الأحكام، وذلك بالأمور التالية:

أولاً: عليك أيها الداعي إلى الله بملازمة الإخلاص وأنت تقوم بواجب الدعوة إلى ربك، وذلك لأنك ستلاقي أنواعاً شتى من الأذى، فذاك يسخر منك، وذاك يلمزك، وذاك يؤذيك..

فعليك بإخلاص دعوتك لربك، وقوة توكلك عليه، وأملك الواسع في أن يهدي على يديك كثيراً من الضالين.

ثانياً: وأنت ذاهب إلى المسجد لأداء الصلاة، أرشد من تمر بهم على طريقك من أصحاب الدكاكين إلى إجابة داعي الله، وإغلاق دكاكينهم ومحلاتهم، والذهاب إلى أداء الصلاة مع الجماعة.

وإذا لم يستجيبوا لك، فلا تيأس ولا تضجر، وإنما واصل إرشادك لهم، وسترى أنهم بعد أيام سيرجعون إلى رشدهم وفطرتهم، فيغلقون دكاكينهم ومحلاتهم، ويؤدون الصلاة.

وعلى فرض  أنهم لم يستجيبوا  لك فقد عذرت نفسك أمام الله، وأديت الواجب  الذي عليك.

ثالثاً: إذا ذهبت قاصداً لدعوة أصحاب المحلات التي تبيع الأشرطة الغنائية المحرمة، والمجلات الهابطة، والأفلام الخليعة، فعليك بالابتسامة الصادقة في وجه من تريد نصحه ودعوته، ثم تبادل الحديث معه حول التجارة الرابحة، وأهمية البيع والشراء بما أباحه الله، وأن ذلك مما يورث البركة في المال والأولاد.

ثم إن كان جاهلاً بأحكام التعامل بتلك الأمور المحرمة قم بتعليمه ونصحه، وإن كان مكابراً معانداً، فأقم الحجة عليه.

وإن قال لك: بأن رزقه من ذلك المحل، فأخبره بأن في الحلال غُنية وكفاية لمن طلبه، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن توكل على الله كفاه.

رابعاً: إذا ذهبت لدعوة تلك الفئة من الناس، فلا بأس أن تأخذ معك مجموعة من الأشرطة الإسلامية النافعة، والتي فيها الحث على تقوى الله، والتي تدعو إلى المحافظة على الصلوات، والتي تحذر من الغش في البيع والشراء، ومن التجارة بالأمور المحرمة..

أضف إلى ذلك بعض الكتيبات الصغيرة المهمة، والمطويات.

خامساً: إذا استجاب لك مجموعة من تلك الفئة وبدأ يحب العلم والعلماء حتى ولو كان شخصاً واحداً، فعليك بتربيته؛ ليقوم بدوره في جانب الدعوة إلى الله، وقيامه بدعوة إخوانه من أصحاب المحلات التجارية، وتعهده بالنصح والتشجيع المستمر.

سادساً: أقم علاقة بينك وبين أصحاب المحلات التجارية، ثم اعرض عليهم إقامة درس خاص بهم، وذلك في وقت مناسب لك ولهم، وليكن مثلاً عصر يوم الجمعة.

وقد تستغرب ذلك أيها الداعية، ولكني أخبرك أني أعرف دعاة إلى الله – أحسبهم مخلصين والله حسيبهم – قد مارسوا ذلك، وأقاموا حلقات تعليم لأصحاب المحلات.

أسأل الله أن يوفق الداعين إلى سبيله لما يحبه ويرضاه، وأن يعين بقية إخوانهم من الدعاة أن يسلكوا مسلكهم، وأن يحذوا حذوهم، والحمد لله رب العالمين..