صفة الصلاة

صفة الصلاة

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين، محمد بن عبد الله، الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أمَّا بعدُ:

فإن المسلم يحرص على أن تكون صلاته صحيحة، موافقة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وتؤدَّى كما أدَّاها؛ لأنه هو القدوة والأسوة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))1،فتعلَّم هذه الصفة ضروريٌّ على كلِّ مسلم ومسلمة،كيف لا وهي الصفة التي كان يصلي بها النبي-صلى الله عليه وسلم-، وأخذها عنه الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين وبيَّنوها لمن بعدهم، فينبغي على المسلم تعلم هذه الصفة، والعمل بها.

وهذه الصفة قد ذكرها العلماء في كتبهم، وتجد ذلك في مواطنه، فقالوا:

أولاً:‏ يعتقد المسلم أنه إذا قام إلى الصلاة فإنما يقوم بين يدي الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم ما توسوس به نفسه، وحينئذٍ يحافظ على أن يكون قلبه مشغولاً بصلاته، كما أن جسمه مشغول بصلاته، جسمه متجه إلى القبلة إلى الجهة التي أمره الله عز وجل، فليكن قلبه أيضاً متجهاً إلى الله‏.‏ أما أن يتجه الجسم إلى ما أمر الله بالتوجه إليه, ولكن القلب ضائع، فهذا نقص كبير، حتى إن بعض العلماء يقول‏:‏ إذا غلب الوسواس -أي الهواجس- على أكثر الصلاة فإنها تبطل، والأمر شديد‏.‏ فإذا أقبلت إلى الصلاة فاعتقد أنك مقبل على الله عز وجل‏.‏

وإذا وقفت تصلي فاعتقد أنك تناجي الله عز وجل، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم‏: (‏‏(‏إذا قام أحدكم يصلي، فإنه يناجي ربه‏))2.‏

وإذا وقفت في الصلاة فاعتقد أن الله عز وجل قبل وجهك، ليس في الأرض التي أنت فيها، ولكنه قبل وجهك وهو على عرشه عز وجل، وما ذلك فإن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته، فهو فوق عرشه، وهو قبل وجه المصلي إذا صلى، وحينئذٍ تدخل وقلبك مملوء بتعظيم الله عز وجل، ومحبته، والتقرب إليه‏.‏

ثم ينوي بقلبه فعل الصلاة التي يريد أداءها من فريضة أو نافلة، ولا ينطق بلسانه بالنية، لأن النطق باللسان غير مشروع.

ثم يكبر ويقول‏:‏ الله أكبر‏. ومع هذا التكبير يرفع يديه حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه‏.

ثم يضع يده اليمنى على يده اليسرى، على الصدر، كما صح ذلك في البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه- قال‏:‏ ‏(‏كان الناس يُؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة‏)3.‏

ثم يخفض رأسه فلا يرفعه إلى السماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏نهى عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة‏)4،‏ واشتد قوله في ذلك حتى قال‏: (‏‏(‏لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم‏))5.

فيخفض بصره ويطأطئ رأسه, لكن كما قال العلماء‏:‏ لا يضع ذقنه على صدره -أي لا يخفضه كثيراً- حتى يقع الذقن, وهو مجمع اللحيين على الصدر؛ بل يخفضه مع فاصل يسير عن صدره‏.‏

ويستفتح ويقول‏:‏ ‏((‏اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد‏))6‏، وله أن يستفتح بغير ذلك وهو‏: (‏‏(‏سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك‏))7. ويستفتح صلاة الليل بما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستفتح به وهو‏:‏ ((‏اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كان فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم‏))8‏.‏

ولكن لا يجمع بين هذه الاستفتاحات، بل يقول هذا مرة وهذا مرة ليأتي بالسنة على جميع وجوهها‏.‏

ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.

ويقرأ الفاتحة، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب))9، فإذا ختمها قال: آمين، جهراً حيث يجهر، وسراً حيث يسر.

ثم يقرأ بعد ما تيسر من القرآن، ويطيل القراءة في الفجر أكثر من سائر الصلوات، ويجهر بالقراءة في الفجر، وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء، ويسر القراءة فيما سوى ذلك.

ثم يرفع يديه مكبراً ليركع، ويضع اليدين على الركبتين، مفرجتي الأصابع، ويجافي عضديه عن جانبيه، ويسوي ظهره برأسه فلا يُقوسه، قالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ ‏(‏كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك‏)10، ويقول‏:‏ (‏(‏سبحان ربي العظيم‏))11 يكررها ثلاث مرات‏، ويُستحب أن يقول مع ذلك:‏ (‏(‏سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لّي‏))‏ رواه البخاري‏.‏

ثم يرفع رأسه قائلاً‏: (‏‏(‏سمع الله لمن حمده‏))‏‏، ويرفع يديه كما يرفعهما عند الركوع، ويقول بعد رفعه‏:‏ (‏(‏ربنا لك الحمد‏))12‏. أو (‏(‏ربنا ولك الحمد‏)‏) رواه البخاري ومسلم‏.‏ أو (‏(‏اللهم ربنا لك الحمد‏))‏ رواه البخاري ومسلم. أو ((‏اللهم ربنا ولك الحمد‏))‏ رواه مسلم‏. فهذه أربع صفات ولكن لا يقولها في آن واحد بل يقول هذا مرة وهذا مرة‏.‏

وبعد أن يقول: ‏((‏ربنا ولك الحمد‏))‏، يقول‏:‏ (‏(‏حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعده، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد‏))13.

ثم يكبر للسجود بدون رفع اليدين؛ لقول ابن عمر‏:‏ ‏(‏وكان لا يفعل ذلك في السجود‏)‏‏.‏

ويسجد على سبعة أعضاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ (‏(‏أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم‏)) ثم فصلها النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ((على الجبهة، والكفين، والركبتين، وأطراف القدمين‏))14 فيسجد الإنسان على هذه الأعضاء‏، وينصب ذراعيه فلا يضعهما على الأرض ولا على ركبتيه، ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، فيكون الظهر مرفوعاً، ويستقبل بأصابع يديه ورجليه القبلة، ويمكن جبهته وأنفه من الأرض، ويعتمد على كفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ((‏اعتدلوا في السجود‏، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب))15. وفي حال السجود يقول‏:‏ (‏(‏سبحان ربي الأعلى ثلاثة مرات‏))16‏، وإن زاد: (‏(‏سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي‏))17 فأحسن.

ويكثر في السجود من الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ (‏(‏ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم‏))18‏ أي حري أن يُستجاب لكم، وذلك لأنه أقرب ما يكون من ربه في هذا الحال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ (‏(‏أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد‏))19.‏

ثم يرفع رأسه مكبراً، ويجلس بين السجدتين مفترشاً وكيفيته‏:‏ أن يجعل الرجل اليسرى فراشاً له -أي يفرشها ويجلس عليها-، وينصب الرجل اليمنى من الجانب الأيمن‏.‏

أما اليدان: فيضع يده اليمين على فخذه اليمنى أو على رأس الركبة، ويده اليسرى على فخذه اليسرى أو يلقمها الركبة، فكلتاهما صفتان واردتان عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول‏:‏ ((‏رب اغفر لي وارحمني واهدني، واجبرني وعافني وارزقني‏))20، سواء كان إماماً أو مأموماً أو مفرداً‏.‏

ثم يسجد السجدة الثانية مكبراً، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى في الكيفية وفيما يقال فيها‏.‏

ثم يرفع رأسه، وينهض للركعة الثانية مكبراً معتمداً على ركبتيه قائماً بدون جلوس، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد.‏ وقيل بل يجلس ثم يقوم معتمداً على يديه، كما هو المشهور من مذهب الشافعي21، وهذه الجلسة مشهورة عند العلماء باسم جلسة الاستراحة22.‏

وفي الركعة الثانية، يفعل كما يفعل في الركعة الأولى، إلا في شيء واحد وهو الاستفتاح، فإنه لا يستفتح، وأما التعوذ ففيه خلاف بين العلماء منهم من يرى أنه يتعوذ في كل ركعة، ومنهم من يرى أنه لا يتعوذ إلا في الركعة الأولى.

فإذا صلى الركعة الثانية جلس للتشهد كجلوسه بين السجدتين، فإذا كانت الصلاة ثنائية، أي ركعتين كصلاة الفجر والجمعة والعيد، جلس بعد رفعه من السجدة الثانية ناصباً رجله اليمنى، مفترشاً رجله اليسرى، واضعاً يده اليمنى على فخذه اليمنى أو على رأس الركبة، قابضاً أصابعه كلها إلا السبابة فيشير بها إلى التوحيد، أو يقبض الخنصر والبنصر من يده ويحلق بإبهامه مع الوسطى، ويشير بالسبابة، أما يده اليسرى فيضعها على فخذه اليسرى أو يلقمها الركبة، ثم يقرأ التشهد في هذا الجلوس، وهو: ((التحيات لله، والصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله))، ثم يقول: ((اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد))، يستعيذ بالله من أربع، فيقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال))، ثم يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ثم يسلم عن يمينه وشماله قائلاً: ((السلام عليكم ورحمة الله.. السلام عليكم ورحمة الله)).

وإن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء، قام بعد التشهد الأول رافعاً يده كما رفعها عند تكبيرة الإحرام، وصلى بقية الصلاة وتكون بالفاتحة فقط فلا يقرأ معها سورة أخرى، وإن قرأ أحياناً فلا بأس لوروده في ظاهر حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه‏.‏

ثم يجلس إذا كان في ثلاثية أو رباعية للتشهد الثاني، وهذا التشهد يختلف عن التشهد الأول وفي كيفية الجلوس لأنه يجلس متوركاً والتورك له ثلاثة صفات‏:‏

الصفة الأولى‏:‏ أن ينصب الرجل اليمنى ويخرج الرجل اليسرى من تحت الساق، ويجلس بإِلييتيه على الأرض‏.‏

والصفة الثانية‏:‏ أن يفرش رجليه جميعاً ويخرجها من الجانب الأيمن، وتكون الرجل اليسرى تحت ساق اليمنى‏.

والصفة الثالثة‏:‏ أن يفرش الرجل اليمنى ويجعل الرجل اليسرى بين الفخذ والساق‏.‏

فهذه ثلاثة صفات للتورك ينبغي أن يفعل هذا تارة، وأن يفعل هذا تارة أخرى‏.

ثم يقرأ التشهد الأخير ويضيف على التشهد الأول‏:‏ الصلاة على النبي، ويتعوذ بالله من أربع، كما تقدم، ويدعو بما شاء من خير الدنيا، والآخرة، ثم يسلم عن يمينه، وشماله: (السلام عليكم ورحمة الله.. السلام عليكم ورحمة الله).

فإذا سلم يستحب له أن يقول: (أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام)23، ثم يذكر الله بما ورد24.

نسأل الله أن يجعل صلاتنا كما يرضاها، ويتقبلها منا، ويثيبنا عليها، ويجعلها خالصة لوجهه، والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالين.


1 رواه البخاري.

2 رواه البخاري‏.

3 رواه البخاري.

4 رواه البخاري.

5 رواه البخاري ومسلم.

6 متفق عليه.

7 رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم (702)‏.‏

8 رواه مسلم.

9 متفق عليه.

10 رواه أحمد ومسلم وأبو داود‏.

11 رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه رقم (732)، والكلم الطيب (86).

12 متفق عليه.

13 رواه مسلم والنسائي‏.‏

14 رواه البخاري ومسلم.

15 متفق عليه.

16 رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه رقم (725)، وصحيح الكلم الطيب (86).

17 رواه البخاري ومسلم.

18 رواه مسلم.

19 رواه البخاري.

20 رواه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه رقم (732).

21 قال سماحة الشيخ العلامة ابن باز -رحمه الله- في رسالته "صفة صلاة النبي": (ويجلس جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين، وتُسمَّى جلسة الاستراحة، وهي مستحبة في أصح قولي العلماء، وإن تركها فلا حرج، وليس في ذلك ذكر ولا دعاء).

22 قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- في رسالة له في "صفة صلاة": (وقد اختلف العلماء – رحمهم الله – في مشروعيتها فقال بعضهم‏:‏ فإذا قمت إلى الثانية أو إلى الرابعة فاجلس ثم انهض معتمداً على يديك إما على صفة العاجن – إن صح الحديث في ذلك أو على غير هذه الصفة عند من يرى أن حديث العجن ضعيف المهم أنهم اختلفوا في هذه الجلسة، فمنهم من يرى أنها مستحبة مطلقاً، ومنهم من يرى أنها غير مستحبة على سبيل الإطلاق، ومنهم من يفصل ويقول ‏:‏ إن احتجت إليها لضعف، أو كبر، أو مرض، أو ما أشبه ذلك فإنك تجلس ثم تنهض، وأما إذا لم تحتج إليها فلا تجلس، واستدل لذلك أن هذه الجلسة ليس لها دعاء، وليس لها تكبير عند الانتقال منها، بل التكبير واحد من السجود للقيام، فلما كان الأمر كذلك دل على أنها غير مقصودة في ذاتها لأن كل ركن مقصود لذاته في الصلاة لا بد فيه من ذكر مشروع، وتكبير سابق، وتكبير لاحق قالوا‏:‏ ويدل لذلك أيضاً أن في حديث مالك ابن الحويرث ‏:‏ ‏(‏أنه يعتمد على يديه‏)‏ والاعتماد على اليدين لا يكون غالباً إلا من حاجة وثقل بالجسم لا يتمكن من النهوض ‏.‏

فلهذا نقول‏:‏ إن احتجت إليها فلا تكلف نفسك في النهوض من السجود إلى القيام رأساً، وإن لم تحتج فالأولى أن تنهض من السجود إلى القيام رأساً، وهذا هو ما اختاره صاحب المغنى – ابن قدامة المعروف بالموفق رحمه الله – وهو من أكابر أصحاب الإمام أحمد، وأظنه اختيار ابن القيم في زاد المعاد أيضاً‏.‏

ويقول صاحب المغنى‏:‏ إن هذا هو الذي تجتمع فيه الأدلة -أي التي فيها إثبات هذه الجلسة ونفيها-‏.‏

والتفصيل هنا –عندي- أرجح من الإطلاق، وإن كان رجاحته –عندي- ليس بذلك الرجحان الجيد، لأنه لا يتعارض في فهمي مع الجلسة فالمراتب عندي ثلاث‏:‏

أولاً‏:‏ مشروعية هذه الجلسة عند الحاجة إليها، وهذا لا إشكال فيه‏.‏

ثانياً:‏ مشروعيتها مطلقاً، وليس بعيداً عنه في الرجحان‏.‏

ثالثا:‏ أنها لا تشرع مطلقاً، وهذا عندي ضعيف، لأن الأحاديث فيها ثابتة، لكن هل هي ثابتة عند الحاجة أو مطلقاً‏؟‏ هذا محل الإشكال، والذي يترجح عندي يسيراً أنها تشرع للحاجة فقط).‏

23 صحيح مسلم.

24 انظر: صفة صلاة النبي: للعلامة ابن باز، وصفة الصلاة: للعلامة ابن العثيمين، وصفة صلاة النبي للعلامة الألباني، والملخص الفقهي: للعلامة الفوزان (1/136-139).