أكل وشرب وذكر لله

أكل وشرب وذكر لله

أكل وشرب وذكر لله

الحمد لله الذي منَّ على عباده بمواسم القربات، ووفق من شاء منهم لاغتنام هذه المواسم بفعل الخيرات, وخذل من شاء منهم، فكان حظه التفريط والخسران والندامات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الأرض والسماوات، وواسع الكرم والجود والهبات، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل المخلوقات, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان مدى الدهور والأوقات، وسلم تسليماً مزيداً.. أما بعد:

عباد الله:

إن أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التالية ليوم النحر، وهي التي عناها الله تعالى بقوله: وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ (203) سورة البقرة. كما جاء عن ابن عباس –رضي الله عنهما.

وذكر القرطبي أنه لا خلاف في كونها أيام التشريق, وهي أيام عيد للمسلمين؛ لحديث: (يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ)1. وقد نهي عن صيامها، وهي واقعة بعد العشر الفاضلة، فتشرف بالمجاورة أيضاً، وتشترك معها بوقوع بعض أعمال الحج فيها، ويدخل فيها يوم النحر، فيعظم شرفها وفضلها بذلك كله,كما أن ثانيها وهو يوم القر وهو الحادي عشر أفضل الأيام بعد يوم النحر، وهذه الأيام الأربعة هي أيام نحر الهدي والأضاحي على الراجح من أقوال أهل العلم؛ تعظيماً لله تعالى، وهذا مما يزيدها فضلاً، وهذه الأيام من أيام العبادة والذكر والفرح، قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ –أي أيام التشريق- أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)2.

فهي أيام إظهار الفرح والسرور بنعم الله العظيمة، وفي الحديث إشارة إلى الاستعانة بالأكل والشرب على ذكر الله، وهذا من شكر النعم.

وذكر الله المأمور به في الحديث أنواع متعددة منها: التكبير فيها عقب الصلوات، وفي كل وقت، مطلقاً ومقيداً؛ كما هو ظاهر الآية، وبه يتحقق كونها أيام ذكر لله.

وذكر الله تعالى يكون بالتسمية والتكبير عند نحر الهدي والأضاحي وذكره سبحانه وتعالى يكون عند الأكل والشرب، وكذا أذكار الأحوال الأخرى. والتكبير عند رمي الجمار, وذكر الله تعالى المطلق من التسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار, وقراءة القرآن ونحو ذلك فذكر الله واسع مجاله واسع غير محصور.

أيها المسلمون: إن قلوب البشر طُرّاً، كغيرها من الكائنات الحية، التي لا غنى لها عن أي مادة من المواد التي بها قوام الحياة والنماء، ويتفق العقلاء جميعاً، أن القلوب قد تصدأ كما يصدأ الحديد، وأنها تظمأ كما يظمأ الزرع، وتجف كما يجف الضرع؛ ولذا، فهي تحتاج إلى تجلية وري، يزيلان عنها الأصداء والظمأ، والمرء في هذه الحياة، محاط بالأعداء من كل جانب؛ نفسه الأمارة بالسوء، تورده موارد الهلكة، وكذا هواه وشيطانه، فهو بحاجة ماسة، إلى ما يحرزه ويؤمنه، ويسكن مخاوفه، ويطمئن قلبه.

وإن من أكثر ما يزيل تلك الأدواء، ويحرز من الأعداء، ذكر الله والإكثار منه لخالقها ومعبودها؛ فهو جلاء القلوب وصقالها، ودواؤها إذا غشيها اعتلالها.

فالعلاقة بين العبد وبين ربه ليست محصورة في ساعة مناجاة في الصباح، أو في المساء فحسب، ثم ينطلق المرء بعدها، في أرجاء الدنيا غافلاً لاهياً، يفعل ما يريد دون قيد ولا محكم؛ كلا هذا تدين مغشوش.. العلاقة الحقة، أن يذكر المرء ربه حيثما كان، وأن يكون هذا الذكر مقيداً مسالكه بالأوامر والنواهي، ومبشراً الإنسان بضعفه البشري، ومعيناً له على اللجوء إلى خالقه في كل ما يعتريه. قال ابن القيم -رحمه الله-: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون السمك إذا فارق الماء؟3.

لقد حث الدين الحنيف، على أن يتصل المسلم بربه، ليحيا ضميره، وتزكو نفسه، ويطهر قلبه، ويستمد منه العون والتوفيق؛ ولأجل هذا جاء في محكم التنزيل والسنة النبوية المطهرة، ما يدعو إلى الإكثار من ذكر الله -عز وجل- على كل حال؛ فقال -عز وجل-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) سورة الأحزاب. وقال -سبحانه-: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) سورة الأحزاب. وقال -جل شأنه-: وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ (45) سورة الأنفال. وقال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ (152) سورة البقرة. وقال سبحانه: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرَُ (45) سورة العنكبوت. وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ)4.

وقال –عليه الصلاة والسلام-: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى, قَالَ: (ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى)5.

ذكر الله تعالى منزلة من منازل هذه الدار، يتزود منها الأتقياء، ويتجرون فيها، وإليها دائماً يترددون، الذكر قوت القلوب الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبوراً، وعمارة الديار التي إذا تعطلت عنه صارت دوراً بوراً، وهو السلاح الذي يقاتل به قطاع الطريق، والماء الذي يطفأ به لهب الحريق.

بالذكر تُستدفع الآفات، وتستكشف الكربات، وتهون به على المصاب الملمات، زين الله به ألسنة الذاكرين، كما زين بالنور أبصار الناظرين. فاللسان الغافل، كالعين العمياء، والأذن الصماء، واليد الشلاء.

والذاكر الله، لا تدنيه مشاعر الرغبة والرهبة من غير الله، ولا تقلقه أعداد القلة والكثرة، وتستوي عنده الخلوة والجلوة، ولا تستخفه مآرب الحياة ودروبها.

ذكر الله -عز وجل- باب مفتوح بين العبد وبين ربه، ما لم يغلقه العبد بغفلته.

قال الحسن البصري -رحمه الله-: تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وقراءة القرآن، فإن وجدتم، وإلا فاعلموا أن الباب مغلق.

إن الذنوب كبائرها وصغائرها لا يمكن أن يرتكبها بنو آدم، إلا في حال الغفلة والنسيان لذكر الله -عز وجل-؛ لأن ذكر الله – تعالى – سبب للحياة الكاملة التي يتعذر معها أن يرمي صاحبها بنفسه في أتون الجحيم، أو غضب وسخط الرب العظيم، وعلى الضد من ذلك، التارك للذكر، والناسي له، فهو ميت، لا يبالي الشيطان أن يلقيه في أي مزبلة شاء. قال تعالى: وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) سورة الزخرف. وقال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) سورة طـه. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: “الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله خنس”.

وقال رجل كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَثَرَتْ دَابَّةٌ فَقُلْتُ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ, فَقَالَ: (لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ وَيَقُولُ بِقُوَّتِي وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ)6. وحكى ابن القيم -رحمه الله- عن بعض السلف، أنهم قالوا: إذا تمكن الذكر من القلب، فإن دنا منه الشيطان صرعه الإنسي، كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان، فيجتمع عليه الشياطين، فيقولون: ما لهذا؟ فيقال: قد مسه الإنسي7.

الإكثار من ذكر الله، براءة من النفاق، وفكاك من أسر الهوى، وجسر يصل به العبد إلى مرضاة ربه، وما أعده له من النعيم المقيم، بل هو سلاح مقدم، من أسلحة الحروب الحسية التي لا تثلم، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم- في فتح القسطنطينية: (فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا) قَالَ ثَوْرٌ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: (الَّذِي فِي الْبَحْرِ ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَيُفَرَّجُ لَهُمْ فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ إِذْ جَاءَهُمْ الصَّرِيخُ فَقَالَ إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ)8.

ذكر الله تعالى أشرف ما يخطر بالبال، وأطهر ما يمر بالفم، وتنطق به الشفتان، وأسمى ما يتألق به العقل المسلم الواعي، والناس بعامة قد يقلقون في حياتهم أو يشعرون بالعجز أمام ضوائق أحاطت بهم من كل جانب، وهم أضعف من أن يرفعوها إذا نزلت، أو يدفعوها إذا أوشكت، ومع ذلك فإن ذكر الله -عز وجل- يحيي في نفوسهم استشعار عظمة الله، وأنه على كل شيء قدير، وأن شيئاً لن يفلت من قهره وقوته، وأنه يكشف ما بالمعنى إذا ألم به العناء، حينها يشعر الذاكر بالسعادة وبالطمأنينة يغمران قلبه وجوارحه, الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) سورة الرعد.

أيها المسلم: لا تخش غماً، ولا تشك هماً، ولا يصبك قلق، ما دام قرينك هو ذكر الله؛ يقول – جل وعلا – في الحديث القدسي: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ)9.

واشتكى علي وفاطمة – رضي الله عنهما – إلى رسول الله، ما تواجهه من الطحن والعمل المجهد، فسألته خادماً، فقال رسول الله: (أَلَا أَدُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ تُسَبِّحِينَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدِينَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتُكَبِّرِينَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ حِينَ تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ)10.

نسأل الله أن يجعلنا من الذاكرين الشاكرين,, اللهم اغفر وارحم وأنت خير الراحمين..

الخطبة الثانية:

الحمد لله على نعمائه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، والصلاة والسلام على خيرة أنبيائه، وعلى آله وصحبه ونصرائه، أما بعد:

أيها المسلمون:

إذا كنا مأمورين بالذكر في جميع أحوالنا, فقد جعل الله لنا مواسم يتضاعف فيه أجر الطاعات والقربات, ومن ذلك أيام عشر ذي الحجة وأيام التشريق, فهي موسم عظيم للذكر والطاعة, ولقد جمع الله لنا في هذه الأيام بين العبادة والذكر, واللهو المباح, وهذا يدل دلالة واضحة لا مرية فيها على وسطية ورحمة هذا الدين العظيم الذي يعتني بجميع شئون العباد, فلم يقتصر على مجرد الأوامر والنواهي, بل جعل للإنسان أياماً يتفسح فيها ويمرح ويلعب ما لم يقارب حراماً أو يضيع واجباً, بل الأعظم من هذا أنه جعل لهو الرجل مع أهله وأبنائه, وأكله وشربه معهم والتوسعة عليهم خاصة في هذه الأيام عبادة يثاب عليها المسلم, ومن أدلة ذلك النهي عن صيام هذه الأيام وكما في الأحاديث المذكورة آنفاً: (يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ), وقوله –عليه الصلاة والسلام-: (إِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)11.

إن المناسبات العامة لدى المسلمين هي الأعياد، وقد حددها الشارع في عيدين اثنين كل عام، هما عيد الفطر، وعيد الأضحى، بالإضافة إلى عيد الأسبوع يوم الجمعة, وللمسلم أن يظهر معالم الفرح والسعادة في الأعياد -ومثلها أفراح الزواج ونحوها- بشرط ألا يدخل حوزة المحظورات، فله الحق في التمتع بالملابس الجديدة والمآكل الطيبة، واللهو البريء الذي لا يخدش عرضاً ولا يقتحم كرامة، ولا يمس حرمة، اقتضاء لحق الطبيعة البشرية في ترويض البدن والترويح عن النفس, فافرح بأيام العيد وكل واشرب وتمتع ولكن احذر أن تحول الفرح إلى أشر وبطر وغرور, كما قال تعالى في سياق قصة قارون: إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) سورة القصص. ولا يترتب على فرحك وسرورك بنعمة الأعياد مفسدة دينية أو دنيوية كالاختلاط بين الجنسين، وشرب الخمور والمخدرات والمفترات.

وإن كانت هذه الأيام أيام أكل وشرب فلا كل وشرب أكل وشربببومميصاحب الأفراح إسراف في النفقات؛ فكما حدد الإسلام شروط كسب المال حدد كذلك وجوه صرفه فدعا إلى الاعتدال, وهذا هو الاتجاه الإسلامي في كل شيء: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) سورة الأعراف. ويقول سبحانه: وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (26-27) سورة الإسراء. ويقول تعالى: وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (29) سورة الإسراء. ويقول تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) سورة الفرقان.

نسأل الله -عز وجل- بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن يجعلني وإياكم وجميع المسلمين من القائلين بالحق وبه يعملون، وأن يحسن لنا جميعاً النية والقصد والعاقبة، إنه حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين12.



1 رواه أبو داود -2066- (6/391) والترمذي -704- (3/247) والنسائي -2954- (10/8) وأحمد -16739- (35/249) وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع (8192).

2 رواه أبو داود -2430- (7/481) والنسائي -4157- (13/151) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح -2050- (1/464) وأصله في صحيح مسلم.

3 الوابل الصيب لـ(ابن القيم)(1/63).

4 رواه البخاري-7008- (23/104) ومسلم -4860- (13/204).

5 رواه الترمذي -3299- (11/230) مسند أحمد -20713- (44/182) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2629).

6 رواه أبو داود -4330- (13/161) وأحمد -19682- (42/52)وصححه الألباني في سنن أبي داود (4982).

7 مدارج السالكين لـ0ابن القيم)(2/424).

8 رواه مسلم -5199- (14/136).

9 رواه البخاري -6856- (22/409) ومسلم -4832- (13/167).

10 رواه مسلم -4907- (13/260).

11 قد سبق تخريجهما.

12 استفيدت بتصرف من المصادر الآتية:

1- متطلبات المحافظة على نعمة الأمن والاستقرار لـ(سليمان بن عبد الرحمن الحقيل).

2- مشكلة السرف في المجتمع المسلم وعلاجها في ضوء الإسلام لـ(عبد الله بن إبراهيم الطريقي).

3- مجلة البيان العدد(99) ذي القعدة 1416هـ.

4- http://www.alminbar.net/alkhutab/search.asp