فضل حافظ القرآن

فضل حافظ القرآن

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإنَّ الله – تعالى – قد أنزل كتابه، وتكفل بحفظه فقال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر:9)، فحفظه من أن يزاد فيه أو ينقص، أو أن يغير أو يبدل، وحفظه يشمل حفظه في السطور، وحفظه في الصدور، وذلك بأن هيأ واختار لحفظه أناساً يحفظونه في صدورهم عن ظهر قلب، وجعلهم من أهله وخاصته، وجعل لمن حفظه منزلة رفيعة، وأجوراً غير منقطعة، وفضائل كثيرة، ومزايا متعددة؛ فمن فضائل حفاظ كتاب الله – تعالى – الممتثلين لأوامره، المجتنبين لنواهيه؛ نذكر منها نزراً يسيراً؛ لنشحذ بذلك الهمم، ونوقظ العزائم؛ ونذكر من كان غافلا؛ فمن ذلك ما يلي:

1. أنهم أهل التجارة الرابحة، والأرباح المحققة: قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ۝ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (فاطر:29-30).

2. أن القرآن يشفع لقارئه، ومن باب أولى حافظه؛ فعن أبي أمامة  قال: سمعت رسول يقول: اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه1.

3. أن حافظ القرآن العامل بما فيه، المعلم لغيره؛ من خيرة هذه الأمة، ومن أفاضلها: فعن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله : خيركم من تعلم القرآن وعلمه2.

4. حصول حافظ القرآن على الحسنات الكثيرة: فعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف3.

5. ارتقاء حافظ القرآن إلى منزلة عالية في الجنة: فمنزلته عند آخر آية يقرأها؛ فعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي قال: يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها4.

6. أن الله اصطفى حفاظ كتابه، وجعلهم من أهله وخاصته: فعن أنس قال : قال رسول الله : إن لله أهلين من الناس، قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته 5.

7. أن الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة؛ فعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله : الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه، وهو عليه شاق؛ له أجران6. ولا يعني ذكرنا لهذه الفضائل لحفاظ كتاب الله أن يغتروا ويعجبوا بأنفسهم، بل عليهم أن يكونوا حذرين من هذين المرضين الخطيرين، والله نسأل أن يجعلنا من حفاظ كتابه العاملين بما فيه، آمين اللهم آمين.


1 رواه مسلم.

2 رواه البخاري.

3 رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وهو في صحيح الترغيب والترهيب برقم (1416) وهو كذلك في الصحيحة برقم (3327).

4 رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترْمذي: “حديث حسن صحيح” وقال الألباني: “صحيح”؛ كما في صحيح الجامع رقم (8122) وهو في صحيح أبي داود برقم (1300).

5 رواه النسائي وابن ماجه والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم (1432).

6 رواه البخاري.