ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم

ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله .. أما بعـد:

لقد كان ميلاد الرسول  بشرى عظيمة للبشرية التي ظلت فترة طويلة ترزح في غياهيب الشرك، ودياجير الجهل، وأوحال الجاهلية، إذ أخرج تعالى به  البشرية من الظلمات إلى النور، ومن الشرك إلى التوحيد، ومن الفرقة والشتات إلى الألفة والاجتماع ، ونحن في درسنا هذا إن شاء الله نعيش مع قصة ميلاد الرسول ، وما زامنها من أحداث.

عام الفيل:

كان أبرهة الأشرم رمزاً من رموز الكفر والمحادة لله ​​​​​​​ ، وطاغية من طغاة البشر، بنى كنيسته المسماة بـ (القليس) بصنعاء فلم ير مثلها في زمانها، ثم كتب إلى النجاشي: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك، ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب، وتحدثت العرب بكتاب أبرهـة هذا إلى النجاشي، فغضب رجل من النسأة من بني كنانة، فخرج الكناني حتى أتى القليس، فقعد فيها قال ابن هشام: يعني أحدث فيها.

ثم خرج ولحق بأرضه، فلما أخبر بذلك إبرهـة قال: من صنع هذا؟ فقيل له : صنع هذا رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العرب إليه بمكة لما سمع قولك أنك ستصرف إليها حج العرب غضب فجاء فقعد فيها، يريد أنها ليست لذلك أهل، فاستشاط عند ذلك غضب أبرهـة، وحلف:  ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه، وأمر بالحبشة فتهيأت وتجهزت، ثم سار وأخرج معه الفيلة، التي لم تعهدها العرب في الحروب من قبل، وتسامع بذلك العرب فأعظموه، وفظعوا به، ورأو أن جهاده حقاً عليهم، فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر، ودعا قومه ومن أجابه من سائر العرب  إلى حرب أبرهـة وجهاده عن بيت الله الحرام ولكنه هزم، وأخذ أسيراً إلى أبرهة، وواصل أبرهة سيره حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلتي خثعم: شهران وناهس ومن تبعه من قبائل العرب، فقاتله فهزمه أبرهـة، وأُخذ له نفيل أسيراً، فلما نزل إبرهـة المغمس بعث رجلاً من الحبشة يقال له: الأسود بن مقصود على خيل له حتى انتهى إلى مكة، فساق إليه أموال تهامة من قريش وغيرهم، وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم وهو يومئذ كبير قريش وسيدها، وبعث أبرهة حناطـة الحميـري إلى مكة وقال له : سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفها، ثم قل له: إن الملك يقول لك: إني لم آت لحربكم إنما جئت لأهدم هذا البيت، فإن لم تتعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم، فإن هو لم يرد حربي فأتني به، فلما دخل حناطة مكة سأل عن سيد قريش وشريفها؟ فقيل له: عبد المطلب بن هاشم، فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة، فقال له عبد المطلب: والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقـة، وهذا بيت الله وحرمه فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخل بينه وبينه فو الله ما عندنا دفع عنه، فقال له حناطة: فانطلق معي إليه فإنه قد أمرني أن آتيه بك.

فانطلق معه عبد المطلب حتى أتى العسكر، فسأل عن ذي نفر وكان له صديقاً، وأراد منه أن يكلم إبرهـة فيـه، فاعتذر ذو نفر، وقال: وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدواً أو عشياً؟ ما عندنا غناء في شيء مما نزل بك إلا أنيساً سائس الفيل صديق لي: فقال: حسبي، فبعث ذو نفر إلى أنيس فقال: إن عبد المطلب سيد قريش، وصاحب عير مكة يطعم الناس بالسهل ، والوحوش في رؤوس الجبال، وقد أصاب له الملك مائتي بعير فاستأذن عليه، وانفعه عنده بما استطعت، فقال: أفعل، فكلم أنيس أبرهة بذلك قال: وكان عبد المطلب أوسم الناس، وأجملهم، وأعظمهم، فلما رآه إبرهـة أجله، وأعظمه، وأكرمـه عن أن يجلسه تحته، وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكـه، فنزل أبرهة عن سريره، فجلس على بساطه، وأجلسه معه عليه إلى جنبه، ثم قال لترجمانه: قل له : ما حاجتك؟ فقال له الترجمان ذلك، فقال: حاجتي أن يرد عليَّ الملك مائتي بعير أصابها لي، فلما قال له ذلك قال إبرهـة لترجمانه قل له: قد كنت أعجبتني حين رأيتك ثم قد زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتين بعير أصبناها لك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لأهدمه لا تكلمني فيه؟! قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت رباً يمنعه، قال: ما كان ليمتنع مني، قال: أنت وذاك، فلما انصرف عنه انصرف عبد المطلب إلى قريش، فأخبرهم الخبر، وأمرهم بالخروج من مكة، والتحرز في شعف الجبال والشعاب تخوفاً عليهم من معرة الجيش، ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله، ويستنصرونه على أبرهة وجنده، فقال عبد المطلب وهو آخـذ بحلقة باب الكعبة

لاهم1 إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك

لا يغلـبن صلـــيبهم ومحالهم غدواً محالك

إن كنت تاركهم وقـبــلتنا فأمر ما بدا لك

قال ابن إسحاق: ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبـة، وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال، فتحرزوا فيها ينتظرون ما أبرهـة فاعل بمكـة إذا دخلها ، فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخـول مكـة ،وهيأ فيله وعبي جيشة ، فلما وجهوا إلى الفيل إلى مكـة أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنب الفيل ثم أخذ بإذنه فقال : أبرك محمود –اسم الفيل- أو ارجع راشداً من حيث جئت فإنك في بلد الله الحرام ، ثم أرسل أذنه . فبرك الفيل، وضربوا الفيل ليقوم فأبى، فضربوا في رأسه بالطبرزين، ليقم فأبى ، فوجهـوه إلى اليمن فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ،ووجهوه إلى مكة فبرك ، فأرسل الله تعالى عليهم طيراً من البحر أمثال الخطاطيف مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها : حجر في منقاره وحجران في رجليه، أمثال الحمص والعدس، لا تصيب منهم أحداً إلا هلك فلما رآهم نفيل قال:

 أين المفر والإله الطالبُ والأشرم المغلوب ليس الغالبُ 

فخرجوا يتساقطون بكل طريق ، ويهلكون بكل مهلك. قال ابن إسحاق: فلما بعث الله تعالى محمد صلى الله عليه وسلم ,كان مما يعدد سبحانه على قريش من نعمته عليهم وفضله، ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم فقال الله تبارك وتعالى )ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول(سورة الفيل وقال تعالى )لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف(سورة قريش.

هذه من أكبر الحوادث التي سبقت ميلاده  إن لم تكن أكبرها، وقد ذكرناها هنا لنبين أن الرسول  ولد في ذلك العام الذي يسمى عام الفيل، ولنستفيد قبل كل شيء فائدة مهمة وهي أن من حكمة تعالى في كل أزمة، وفي كل فترة تشتد وطأتها على حملة الرسالة، ودعاة الحق، وتتلبد سماؤها بغيوم الظلم؛ أنه سبحانه يخلق من المحنة منحة، ففي الوقت الذي ينظر إلى دينه ودعوته أنها قد محيت أو كادت؛ يهيئ لها عوامل التجديد، ويبعثها صلبة قوية من جديد، ففي العام الذي أراد فيه ركن الكفر، وقوة من قوى الشر والشرك العظمى – في ذلك الزمان – أن يهدم بيت الله في أرضه ومهوى أفئة المؤمنين من خلقه، ورمز العبادة والتوحيد في الأرض؛ هيئ سبحانه في ذلك العام ميلاد خير البشر، ومثبت قواعد التوحيد إلى يوم القيامة، وأخرج إلى الكون من محا معالم الشرك والوثينية، وفي هذه الحادثة وهذا التنسيق الإلهي دعوة لنا لأن نعيد النظر في تعاملاتنا مع الأحداث، ودعوة لكل من قد تسرب اليأس والقنوط إلى نفوسهم أن ينظروا في فعل الله وإرادته مع خلقه، فإن له سبحانه من كل فعل حكمة وإرادة لا يجليها لوقتها إلا هو.

يوم الميلاد وحفر بئر زمزم:

قال ابن إسحاق: ولد رسول الله  يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل، من بيت هو أشرف البيوت في قريش وأنفسها، وقد رأينا منزلة ومكانة جد النبي عبد المطلب فهو سيد قريش وشريفهـا، سادن البيت، وحارس الحرم، والمدافع عنه، والمحافظ على مصالحه، ولأجل ذلك هيّأ الله له القيام بحفر بئر زمزم بعد أن دفنتها جرهم، وكان أول ما بدأ به عبد المطلب من حفرها أنه قال: إني لنائم في الحجر إذ أتأتي آت فقال: احفر طيبة، قال قلت: وما طيبة ؟ قال: ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر برة، قال: فقلت: وما برة؟ قال: ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر المضنونة، قال: فقلت: وما المضنونة؟ قال: ثم ذهب عني، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر زمزم قال: قلت وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبداً ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل، فلما بُيّن له شأنها، ودل على موضعها، وعرف أنه قد صُدِقَ غدا ومعه ابنه الحارث وليس له يومئذ ولد غيره إلى الحفر، ووجد قرية النمل، ووجد الغراب ينقر عندها بين الوثنين إساف ونائلة، فجاء بالمعول، وقام ليحفر حيث أمر فقامت إليه قريش حين رأوا جده، وقالوا: والله لا نتركك تحفر بين وثنيننا هذين اللذين ننحر عندهما، فقال عبد المطلب لابنه الحارث : ذد عني حتى أحفر، فو الله لأمضي لما أمرت به، فلما عرفوا أنه غير نازع خلوا بينه وبين الحفر، وكفوا عنه، ولم يحفر إلا يسيراً ، حتى بدا له طي البئر، فكبر وعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته، وما تمادى به الحفر حتى وجد فيها غزالين من ذهب، وهما الغزالان اللذان دفنت جرهم فيها حين خرجت من مكـة، ووجد فيهـا أسيافاً قلعية وأدراعاً، فنازعته قريش ذلك، ولجأوا إلى القداح لفصل النزاع، وهو ما اقترحه عبد المطلب، وكانت القسمة أن للكعبة قدحين، وله قدحان، ولقريش مثلها، ثم ضربت القداح، فخرج اللذان للكعبة على الغزالين، وخرج اللذان لعبد المطلب على الأسياف والأدراع، وتخلف قدحا قريش، عند ذلك تجلت شخصية عبد المطلب وشرفه ونبل سريرته فلم تكن نفسه تتعلق بالحطام الزائل، ولذلك ضرب الأسياف باباً للكعبة، وضرب في الباب الغزالين من الذهب، فكان أول ذهب حلي به الكعبة فيما يزعمون، ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحجاج.

ذكر نذر عبد المطلب ذبح ولده:

قال ابن إسحاق: وكان عبد المطلب بن هاشم – فيما يزعمون والله أعلم – قد نذر حين لقي من قريش ما لقي عند حفر زمزم لئن ولد له عشرة نفر ثم بلغوا معه حتى يمنعوه؛ لينحرن أحدهم لله عند الكعبة، فلما توافى بنوه عشرة، وعرف أنهم سيمنعونه، جمعهم، ثم أخبرهم بنذره، ودعاهم إلى الوفاء لله بذلك؛ فأطاعوه، وقالوا: كيف نصنع؟ قال : ليأخذ كل رجل منكم قدحاً يكتب فيه اسمه، ثم ائتوني به، ففعلوا ثم أتوه، فدخل بهم على هبل في جوف الكعبة، وكان هبل على بئر في جوف الكعبة فقال عبد المطلب لصاحب القداح: اضرب على بني هؤلاء بقداحهم هذه، وأخبره بنذره الذي نذر، وكان عبد الله فيما يزعمون أحب ولد عبد المطلب إليه، وكان عبد المطلب يرى أن السهم إذا أخطأه فقد أشوى، وعبد الله هو أبو رسول الله ، فلما أخذ صاحب القداح ليضرب بها، قام عبد المطلب عند هبل يدعو الله، ثم ضرب صاحب القداح فخرج القداح على عبدالله، فأخذه عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة، ثم أقبل به إلى إساف ونائلة، فقامت قريش من أنديتها فقالوا: ماذا تريد يا عبد المطلب؟ قال: أذبحـه، فقالت له قريش وبنوه: والله لا تذبحـه أبداً حتى تعذر فيه، لئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتي بابنه حتى يذبحـه، فما بقاء الناس على هذا؟!

وقال المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم – وكان عبد الله ابن أخت القوم – والله لا تذبحـه أبداً حتى تعذر فيه، فإن كان فداؤه بأموالنا فديناه، وقالت له قريش وبنوه : لا تفعل، وانطلق به إلى الحجاز، فإن به عرافة لها تابع فسلها، ثم أنت على رأس أمرك، إن أمرتك بذبحه ذبحته، وإن أمرتك بأمر لك وله فيه فرج قبلته، فانطلقوا حتى قدموا المدينة فوجدوها في خيبر، فركبوا حتى جاءوها فسألوها فقالت لهـم: فارجعوا إلى بلادكم، ثم قربوا صاحبكم، وقربوا عشراً من الإبـل، ثم اضربوا عليها وعليه بالقداح، فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم، وإن خرجت على الإبل فانحروها عنه فقد رضي ربكم، ونجى صاحبكم، فخرجوا حتى قدموا مكة، فلما أجمعوا على ذلك ثم قربوا عبد الله وعشراً من الإبـل فخرج القدح على عبدالله، وما زالوا يزيدون عشراً حتى وصلوا إلى مائة من الإبـل فخرج القدح على الإبل فقالت قريش ومن حضر: قد انتهى رضا ربك يا عبدالمطلب ، فزعموا أن عبد المطلب قال: لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات، فخرج القدح على الإبل فنحرت، ثم تركت لا يصد عنها إنسان، ولا يمنع.

قال ابن إسحاق: ثم انصرف عبد المطلب آخذاً بيد عبد الله فخرج به حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة وهو يومئذ سيد بني زهرة نسباً وشرفاً فزوجه ابنته آمنة بنت وهب وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً، فكان رسول الله أوسط قومه نسباً، وأعظمهم شرفاً من قبل أبيه وأمه ، ويزعمون فيما يتحدث الناس والله أعلم أن آمة ابنة وهب أم رسول الله  كانت تحدث: أنها أتيت حين حملت برسول الله  فقيل لها: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي: أعيذه بالواحد، من شر كل حاسد، ثم سميه: محمداً، ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور رأت به قصور بصرى من أرض الشام، ثم لم يلبث عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله  أن مات، وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل به.

تحديد الميلاد: حدثنا أبو محمد بن عبد الملك بن هشام قال: حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن اسحاق قال: ولد رسول الله يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل، وولد بالشعب، وقيل بالدار التي عند الصفا، قال ابن إسحاق: وحدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة الأنصاري قال: حدثني من شئت من رجال قومي عن حسان بن ثابت قال: والله إني لغلام يفعـة، وابن سبع سنين أو ثمان أعقل كل ما سمعت إذ سمعت يهودياً يصرخ بأعلى صوته على أطمـة بيثرب: يامعشر يهود! حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا له: ويلك ما لك ؟! قال: طلع الليلة نجـم أحمـد الذي ولد بـه.

وقد روي أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت؛ روى ذلك البيهقي، ولما ولدته أمه أرسلت إلى جـده عبد المطلب تبشره بحفيده، فجاء مستبشراً ودخل به الكعبة، ودعا الله، وشكر له، واختار له اسم محمد – وهذا الاسم لم يكن معروفاً في العرب -، وختنه يوم سابعه كما كان العرب يفعلون، ومولده رحمة للبشرية فقد جعله الله رحمة للعالمين، وبه هدى الناس من الظلال والشرك إلى التوحيد والهداية.

والحمـد لله رب العالميــن.

المرجع سيرة ابن هشام ، والرحيق المختوم.


1 – العرب تحذف الألف واللام من (اللهم) وتكتفي بما بقي. فلا هم أصلها : اللهم . انظر الروض الأنف (1/70).