الوقت والحياة

الوقت والحياة

 

 

الوقت والحياة

 

الحمد لله الذي يعلم السر وأخفى، والصلاة والسلام على النبي المجتبى محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:-

الوقت حياة الإنسان، وكل دقيقة تمضي منه تعني مضي جزء من حياته وقرب مثلها من ساعة وفاته…

دقات قلـب المــرء قائلة له           إن الحياة دقائق وثوانـي

فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها         فالذكر للإنسان عمر ثانـي

***  ***

والوقت أعظم ما عنيت بحفظه          وأراه أسهل ما عليك يضيع

قال الحسن البصري: (ابن آدم! إنما أنت أيام إذا ذهب يومك ذهب بعضك).

وقد كان السلف أحرص الناس على الوقت وحفظه، وعدم التفريط في أي لحظة من لحظاته، ولذا كانت أمورهم مرتبة كترتيب ساعات أيامهم ولياليهم، لا يمنعهم عمل عن عمل، ولا شغل عن شغل، يصلي أحدهم الفجر ثم يجلس يذكر الله – تعالى- لوحده أو مع إخوانه ويقيم لهم درساً أو يستمع إلى درس، ثم يصلي ركعتين بعد شروق الشمس، ثم إن كان عاملاً مضي إلى عمله وسوقه، يطلب الرزق الحلال، وإن كان شيخاً أو عالماً اشتغل بالعلم كتابةً وتأليفاً وتدريساً، ثم يأخذ شيئاً من الراحة (القيلولة) ثم يشرع بعد الظهر في درس فقهي، أو أي مجال آخر كالتفسير والشعر والحديث و غيرها، وهكذا بعد العصر يذكر الله – تعالى- فإذا جاء الليل، بات لربه ساجداً وقائماً، ثم ينام من الليل بعضه ويستريح في بعض، ليستعيد قوته ونشاطه بعد ذلك المجهود الكبير، ومع كل هذا لم ينس الكثير منهم، حقوق أهلهم وأولادهم، وحقوق الناس عليهم، والقيام بالبر والإحسان والصلة.

وليسوا هم أضرباً من المثالية والخيال الذي لا حقيقة له في الواقع، وإنما هم أمثلة واقعية حية، منهم الحسن البصري وسعيد بن جبير وأبي حنيفة ومالك بن أنس والثوري وعبد الله بن المبارك والشافعي والليث بن سعد وأحمد بن حنبل بله الصحابة الكرام، ومن كان في زمانهم من التابعين، ممن انتظمت حياتهم، واستكملوا حقوقاً كثيرة لله – عز وجل- ولخلقه.

إن الإنسان عندما يرتب حياته ولحظاته وعلاقاته مع الآخرين؛ بما يضمن له ولهم النفع، وما يبذل الإنسان للآخرين من وسع، إنه يكسب بذلك عمراً جديداً مديداً، وذكراً جميلاً حميداً، وشكراً مزيداً، فهو يعيش أعماراً لا عمراً واحداً؛ لأنه يحصّل من المكاسب ما لو وزعت ساعات عمره عليها لما وسعتها سواء كان ذلك في سعي الدنيا أم في عمل الآخرة .

ومن هنا قد يبرز سؤال مهم وهو:

كيف يستطيع المرء أن يدير أوقاته بنجاح ؟

إن هذه النقاط التي سنذكرها _ أخي _ معينة لك على تنظيم وقتك، إذا ما قمت بتطبيقها قبل محاولة إدارة وقتك، وهذه النقاط هي :

1.   وجود خطة: فلا بد لك من السير على خطة مرسومة وواضحة حتى لا تضيع كثيراً من الجهود بلا فائدة.

2. كتابة الأفكار والخطط والأهداف على الأوراق، فلا يكفي في تنظيم الوقت أن ننطلق من مخزون أفكارنا؛ لأن خطط العقل تنسى أو تفقد مع مرور الأيام، أو تتداخل مهماتها إذا لم تدون تكتب. ومن فوائد كتابة الخطة والهدف: أنها تساعدك على إضافة مقترحات جديدة أو حذف أخرى غير مفيدة.

3. توقعْ أنك ستحتاج إلى إجراء تعديلات على الخطة لأسباب كثيرة وظروف خاصة، فلا تنزعج أو ترم بأوراقك جانباً نتيجة للتغيير والاختلال، فذاك شيء طبيعي.

4. إذا حصل فشل أو إخفاق في تنفيذ الخطة فهذه سنة في كثير من الخطط، أنها تدور بين احتمالين، فلا تأسَ ولا تتراجع، فإنك يمكن أن تتعلم من أخطائك لتصححها في المستقبل.

5. ترتيب الأولويات وتقديم الأهم على المهم؛ فانظر أنت إلى ما هو الأهم والضروري وقدمه في، حتى لا تتصادم أمامك الأولويات والضروريات.

6.   لا بد أن تقرأ الخطة التي وضعتها بين الفينة والأخرى.

7.   نظم المرافق الآتية: مكتبك، غرفتك، سيارتك، وكل ما يتعلق بعملك, فإنه سيساعدك على عدم إضاعة الوقت، ويظهرك بمظهر جميل.

8.   اتسم بالتركيز، ولا تشتت ذهنك في أكثر من اتجاه، ذلك يساعدك على توفير الوقت.

9.   اعلم أن العبرة بتأثير تلك الأعمال التي تنجزها في المحيطين بك، وليس بكميتها.

 

والله نسأل أن يسدد الخطى فيما يحبه ويرضاه…والحمد لله أولاً وآخراً.