الدعوة في رمضان

الدعوة في رمضان

الحمد لله، وصلى الله على رسوله، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

لا عجب أن يقبل الناس في رمضان على المساجد، ويتسموا جميعاً بالتدين، وأن توجد عندهم قابلية للدعوة، وإقبال على ما يهمهم من أمور الشريعة، ذلك لأن الله – تعالى – قد هيأ للحياة الإيمانية والروحية عندما شرع الصيام، وقد ذكره – جل وعلا – في آية الصيام حين قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 1، فبين أن الصيام سبيل إلى التقوى، وهذا أمر ملاحظ في واقعنا، فالناس أكثر تأثراً في رمضان من غيره، ودور الداعية دور دائب مستمر في الدعوة إلى الله في رمضان وغيره. وإذا كان أصحاب الدعاية والإعلام، والفن والغناء، والمجون قد أعدوا عدتهم من قبل رمضان بأشهر وهم في جد واجتهاد، وتراهم يعرضون مهرجاناتهم وبرامجهم، ويروجون لمسلسلاتهم ومسارحهم، ويدعون إلى سهراتهم وملاهيهم التي يشغلون بها أوقاتهم في رمضان المبارك، ويرون أنهم على شيء وهم على سراب وباطل، قد استحوذ عليهم الشيطان، فإن الداعية إلى الله تعالى، القائم على الحق؛ أولى وأحرى بأن يعد لرمضان العدة، ويشمر عن ساعدي الدعوة، ويرتدي رداء الأنبياء المبلغين الناس الخير والهدى، وأن يبذل في ذلك قصارى جهده، وغاية وسعه في الترويج للحق، وإعلان كلمة التوحيد، ويفتح لآفاق الدنيا منافذ البصيرة والضياء.

وينبغي على الداعية أن يستغل شهر رمضان استغلالاً تاماً يسد جميع أبواب الفراغ، ويغطي ساحات العمل الدعوي، ويشبع الناس بالدعوة إلى الله بشتى الوسائل والبرامج؛ فإننا في عصر نتحين فيه الفرص: متى يقبل الناس منا، ومتى يقبل الناس على الدين، لذا كان الأمر متحتماً على الجميع أن يقوموا بالدعوة إلى الله في رمضان، وأن يجعلوها من مقدمات أعمالهم، وليعرضوا عن شبهات المثبطين، وأعذار الكسالى، وإن كان كلام بعضهم حقاً فالأصل أن ينظر إلى الواقع فمثلاً: قد يقول قائل: أنت تشغل نفسك في رمضان بالبرامج والأنشطة الدعوية و… إلخ، ولم يكن هذا من دأب السلف الصالح.

نعم هذا صحيح، ولكن الحال مختلف جداً؛ ففي زمنهم كان الناس مقبلون على العلم والعبادة في غير رمضان كإقبالهم في رمضان، وكان الناس أحسن حالاً مما هم اليوم عليه، فكانوا جميعاً يتفرغون للعبادة في رمضان، أما اليوم فالناس بحاجة إلى من يلاحقهم بالنصيحة، ويراعي لهم ظروفهم ورغباتهم، وإلا فكثير من الناس إلا من رحم الله بعيدون عن مظانِّ النصيحة، فإذا أقبلوا عليك في رمضان علَّهم لا يقبلوا في غيره، وانتهاز الفرص سلوك نبوي، والدعوة أيضاً عبادة متعدية للغير فهي خير من العبادة المقتصرة على النفس من حيث الجملة، ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم، فلا تُقصِّر في عبادتك، ولا تقتصر على العبادة وتترك الدعوة.

برامج مقترحة للدعوة في رمضان:

نشر الكتيبات والأشرطة المشتملة على الرقاق والأخلاق وأحكام رمضان.

إلقاء الدروس عقب الصلوات مع مراعاة التجديد في الكتب المقروءة لدى إمام المسجد، وترك الروتينية التي يلتزمها كثير من الأئمة في رمضان.

الزيارة الرمضانية للأسر الفقيرة.

إقامة مشروع إفطار صائم.

إقامة مسابقة أسرية تشمل تلخيص شريط، أو كتاب، أو أسئلة مباشرة.

إعداد مسابقة عامة بالمسجد.

عقد اجتماع مع أهل الحي المحافظين على الصلوات كلها دون استثناء.

تفعيل لوحة إعلانية في المسجد، وإثرائها بالمواضيع الهامة والملفتة.

إفطار جماعي يشترك فيه الجميع لتزيد الألفة والمحبة بين أهل الحي.

إقامة تحفيظ للكبار والصغار، والتركيز على تحسين التلاوة خاصة على الكبار.

مسابقة ثقافية للطلاب الصغار.

الاهتمام بشؤون المرأة، وعقد مسابقة خاصة بهن.

إقامة محاضرات للنساء.

تعليق نشرات حائطية على جدران المسجد.

وغير ذلك من الأنشطة والبرامج التي تساعد في جذب الناس ودعوتهم، ولا مانع من وضع برامج وأنشطة أخرى ما دامت تحقق هدفاً من أهداف الدعوة إلى الله، وليكن في كل الأوقات محفزاً للناس، ومشجعاً لهم، وباعثاً لهم إلى الاهتمام بجانب العبادة، وقراءة القرآن، وقيام الليل، وسائر الطاعات.

وصلى الله وسلم على رسوله، وعلى آله وصحبه.


1 سورة البقرة (183).