أعمال أخرى لمجلس أهل الحي

أعمال أخرى لمجلس أهل الحي

أعمال أخرى لمجلس أهل الحي

 

ذكرنا في المقال السابق دور المسجد في الإسلام، وتطرقنا إلى ذكر بعض تلك الأدوار: ومنها الأدوار التعبدية والأخوية والإعدادية والإجتماعية، ثم ذكرنا ضرورة الاهتمام بالمساجد خاصة في مثل هذه الأزمنة؛ لأنها آخر المعاقل للصحوة الإسلامية، حيث حورب الدين في كل مكان حتى وصل الأمر في كثير من البلدان العربية والإسلامية إلى محاربة المساجد، وقتل رسالتها وأدوارها، وجعلت مجرد أماكن للصلاة فقط،وحتى عندما تقضى الصلاة يؤمر بإغلاق المساجد بعد الصلاة مباشرة.. بل وصل الأمر أيضاً في كثير من الدول إلى منع إقامة مختلف الأنشطة حتى قراءة القرآن في حلقات مكشوفة لاسرية فيها ولا كواليس… ولكن لمجرد ذلك الاجتماع ولمجرد تلك الحلقات الربانية تحارب.. هكذا.. إرضاء للكبراء والسادات والمتكبرين في الأرض، المحاربين لمنهج الله في الحياة..

 وما زالت الفرص موجودة في بعض البلدان الإسلامية حيث توجد مساجد مفتوحة تقام فيها مختلف الأنشطة.. فنقول لهؤلاء ونوجه لهم رسالة عاجلة: استغلوا دور المسجد ولا تهملوه فإن كثيراً من إخوانكم لا يجدون الفرصة السانحة كما تجدونها. ومع هذا تكاسلتم ونسيتم دور المسجد وأثره في المجتمع… لكن نسأل الله أن يرفع الهمم وأن يديم الأمن والنعم.. إنه ولي العزة والسلطان…

ونعود إلى أول الموضوع: بعد ذكر تلك الأمور ذكرنا أهمية إنشاء مجلس لأهل الحي تناقش وتدعم فيه أمور المسجد، وذكرت بعض الأعمال والأنشطة التي يؤديها المجلس، وفي هذا اللقاء نذكر ما ينبغي أن يقوم به ذلك المجلس من أدوار وأنشطة زيادة على ما سبق أو بياناً له.

فنقول: كنا قد ذكرنا مجموعة من أعمال المجلس، ومنها الأنشطة الاجتماعية والإغاثية وكذا الأنشطة الدعوية وأنشطة أخرى وهنا نزيد ونقول:

 يمكن لهذا المجلس أن تكون لأعضائه رحلات أو طلعات: خاصة إذا كان أعضاؤه حديثي عهد باستقامة والتزام. وهذه الطلعات أو الرحلات لها آثار جيدة على المشاركين فيها، خاصة إذا كانت مرتبة ومخططاً لها، وكان القائم عليها ذكياً ناجحاً، إن هذه الرحلات تعد تنفسياً عن أكدار الحياة ومألوفاتها والخروج إلى جو آخر… جو قد انعتق عن المشاكل والهموم والارتباطات والأعمال… فهو جو آخر وموقف يختلف عن مواقف الحياة الأخرى، فلا بد لأمير الرحلة أو الطلعة أن يكون ذكياً في استغلال هذه الفرصة؛ لغرس مفاهيم ومبادئ في قلوب من معه، وتصحيح أخطاء عقدية وأخلاقية، وتدريب على الصبر والتحمل، وتأمل في آلاء الله العظيمة وآياته الجسيمة.. وغرس مبادئ الخوف والرجاء وتقدير الله حق تقديره، وهناك أمور يمكن أن يغرسها فيهم:

منها الاحترام و الأدب، وحسن التعامل، والإنصات أثناء الإلقاء، وتعلم آداب الحوار والنقاش.. والتعريف بعظمة الإسلام، ودفع الشبهات العالقة في أذهان الناس.. إلى غير ذلك من الأمور المهمة.

إذن: من الأمور التي يقوم بها مجلس الحي التابع للمسجد: إقامة رحلات عامة، أو طلعات وما أشبه ذلك.. المهم  أن تكون لها أهداف واضحة وخطة منظمة، وسلوك يعجب الجميع أو على الأقل يعجب الأغلب..

حل المشاكل: من أهم الأعمال للمجلس قدرته على حل المشاكل العامة والخاصة.. أما الخاصة فهي التي تخص المسجد، وأما العامة فحل مشاكل أهل الحي أو القرية.. وهناك مشاكل كثيرة تحصل في الحياة.

 ولقد كان المسجد في عهده الأول مكاناً لحل المشاكل التي تحصل بين الناس، وكذا المشاكل الأسرية.. إن حل المشاكل وفصل المنازعات بين الناس من أجلِّ الأعمال.. لقد قال الله –تعالى-:{ لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (114) سورة النساء. وهذا العمل الجليل يعود على القائمين على المجلس بالثناء والتقدير والإكبار من قبل أهل الحي، أو الذين حصلت لهم مشاكل فحسم المجلس الأمر فيها، وخرج المتنازعان بقلوب طيبة ووجوه رضية…

إن هناك مشاكل كثيرة يصعب على كثير من الناس إيصالها إلى المحاكم أو أقسام الشرطة؛ نتيجة للمماطلة والجور والظلم الموجود هناك، لذا فهم يلجؤون في  حلها لأهل الخير.. خروجاً من الورطات والتكاليف والمصائب.. فلماذا لا يكون لأهل المسجد الدور الفاعل في ذلك الفعل الجميل – حل مشكلتهم وتهدئة أعصابهم-؟!.. هناك مشاكل أسرية بين الزوجين كحصول سوء تفاهم يؤدي إلى خلق مشاكل متشابكة في الأسرة، فهؤلاء بإخلاصهم وتجردهم لله ينبغي أن يخوضوا غمار حلها… هناك مشاكل أخرى مالية أو أخلاقية أو غيرها يجب أن يكون للمجلس الدور الفاعل في حلها والخروج بالمخرج الحسن منها..

والله الهادي والموفق.