الحفاظ على الأمن

الحفاظ على الأمن

الحفاظ على الأمن

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 أما بعد:

فإن الأمن يُعتبر من أهم مطالب الحياة، بل لا تتحقق أهمُّ مطالبها إلا بتوفره، حيث يُعتبر ضرورة لكل جهد بشري، فردي أو جماعي، لتحقيق مصالح الأفراد والشعوب.

وإن للأمن معنى شاملاً في حياة الإنسان، فلا يتوفر الأمن للإنسان بمجرد ضمان أمنه على حياته فحسب، بل هو كذلك يحتاج إلى الأمن على عقيدته التي يؤمن بها، وعلى هويته الفكرية والثقافية، وعلى موارد حياته المادية.

والشعوب والدول، تحتاج – فضلاً عن الحفاظ على أمنها الخارجي- إلى ضمان أمنها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ودون أن يتحقق لها ذلك، لا تتمكن من النهوض والتطلع إلى المستقبل، بل يظل الخوف مُهيمناً على خطواتها، ومقيداً لتطلعاتها.

ولذلك؛ فإن تكامل عناصر الأمن في مجتمع معين، هو البداية الحقيقية للمستقبل الأفضل، وتوفر عناصر الأمن الديني والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وبقاؤه في المجتمع، ضمان لاستقراره، وازدهاره.

ويمثل الالتزام بالإسلام، عقيدة وشريعة وقيماً وأصولاً اجتماعية، أهم عناصر الأمن في المجتمعات الإسلامية(1).

فأهم ما يحقق الأمن في المجتمع المسلم، تطبيق الشريعة الإسلامية، وبدونه لا يستقر أمر المجتمع على حال، فإذا طُبقت الشريعة، تجد الأمن والاستقرار في المجتمع، فكل إنسان قد أمن على نفسه وماله وعرضه؛ بما كفلته الشريعة الإسلامية له من حقوق، فكل فرد له حق، وحقه غير مضيع، فيعيش الجميع في اطمئنان وراحة بال.

ومما يوفر الأمن قيام المسلمين بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا أمر مهم  فهو من أصول الإسلام ومبادئه، وقد أوجب الله -تعالى- هذا الأصل بقوله -تعالى-: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} آل عمران: 104. وقد قامت خيرية الأمة الإسلامية على هذا الأصل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} آل عمران:110، وتحقيق هذا الأصل القرآني، من أنجح الوسائل في إصلاح المجتمعات الإنسانية.

فما على المسلمين إلا القيام بهذا الواجب الذي أوجبه الله عليهم، وجعل خيريتهم في القيام به، فإذا حققوه صلحت مجتمعاتهم، وزالت المنكرات من بينهم، وبقي المجتمع في أمن واستقرار، فينعم الجميع بنعمة هذا الدين، ويعيشون تحت كنفه آمنين مطمئنين.

ولكن إذا قصَّر المسلمون في هذا الواجب,وتخلوا عنه فإنه يؤدي إلى تخلخل مجتمعهم، وانتشار المنكرات في أوساطهم، فينهار أمنُهم، ويصبح الفساد سائداً، والأجواء مخيفة، كل فرد يخاف ممن حوله.

فالحفاظ على أمن المجتمع واجب الجميع، وكل واحد على حسب سلطته، وقدرته، فالأمن هو للجميع، وليس لأناس مخصصين، نسأل الله أن يُديم نعمة الأمن والإيمان علينا، وأن يجنب مجتمعاتنا المفسدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.

 


1 – راجع: كتاب الأمن في حياة الناس وأهميته في الإسلام لعبد الله بن عبد المحسن التركي.