رحلة للآباء

رحلة للآباء

 

 

رحلة للآباء

 

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسوله الكريم وعلى آله الغر الميامين، وصحابته الراشدين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:

على إمام المسجد أن يبذل ما بوسعه في سبيل كسب قلوب أهل الحي وجيران المسجد، وذلك للحصول على ثقتهم أولاً به فهو إمام المسجد، وله دروس وأنشطة دعوية، وإن لم يثقوا به فلن يتم له أي نشاط لعدم موافقتهم عليه، وربما كانوا أكبر عائق في طريقه، لذلك تظهر أهمية الاحتكاك بهم ومجالستهم، وتحسين العلاقة معهم، وإزالة الحواجز التي قد تمنعهم عن الاستفسار والاستفتاء مثلاً، أو تبعدهم عن أنشطة المسجد، وكأنما المسجد ملك للإمام.

 

إن الأفضل في تدارك مثل هذه الحال أن تقام علائق حميمة معهم، ذات رسوخ وإخاء، ويتأتى ذلك غالباً بإقامة أنشطة مشتركة معهم، وأبلغ نشاط أن يكون من النوع الذي تظهر فيه حقائق الرجال لما فيه من مساس ظاهر لأخلاقهم، وعاداتهم وتقاليدهم؛ ليظهر كل على طبعه، ويمتنع الحرج بينهم وتترسخ المعرفة، ويشعر الكل بالقرب من الكل، وهذا غير منطبق على نشاط كما هو منطبق على سفر، – ولا حرج في أن تجمع تكاليفها الجميع – المقصود هو اشتراك الجميع في مثل هذا السفر؛ لأن السفر يسفر عن صاحبه، ولأن المقصود أيضاً التعرف الحقيقي، والشعور في السفر بالقرب أعظم من الحضر.

ولا شك أن مثل هذه الرحلة لا بد أن تكون هادفة، ومن تلك الأهداف:

 

1.   تغيير بعض السلوكيات الخاطئة بالتي هي أحسن، مثل: التأخر عن الصلاة، والمداومة على الأذكار.

2.   تنمية حب الالتزام في أنفسهم، وفي أبنائهم.

3.   تحسين صورة الملتزم عند كثير من الناس الذين ينظرون إلى المسلم المستقيم بعين السخط.

4.   التنبيه على أخطاء في تربية الأولاد.

5.   بعض الدروس المهمة في تربية الأولاد.

6.   عرض مشاريع المسجد – الخيرية، الدعوية، العلمية،… – عليهم، وإنماء روح البذل في خدمة الدين.

7.   مناقشة أوضاع الحي من حيث الأبناء، والمشاكل، والعلاقات وغيرها.

8.   توثيق العلاقة بين أفراد الحي، وبناء أخوَّة ذات أواصر عميقة فيما بينهم.

9.  يمكن في الرحلة تبني مشاريع معينة، قد لا يمكن طرحها عليهم في الحضر مثل: السعي والتعاون في القضاء على المفسدين.

10.   الاهتمام بالسنن في السفر – كدعاء السفر والنوافل – وتعويدهم عليها يجعل من الشخص غير المواظب عليها شخصاً معتاداً عليها داعيا إليها.

وغير هذه المقترحات ينبغي أن تهدف إليها مثل هذه الرحلة، والمقصود أن الإنسان قد يتقبل في السفر ما لا يتقبله في الحضر، والرجل الذي لا يُلقى في الحضر ولا يأتي إلى المسجد قد يتفرغ لهذه الرحلة فيسهل التواصل معه، وإنشاء العلاقة معه في الرحلة، وهكذا بقية الحالات التي ينبغي استغلالها في رحلة للآباء.

والحمد لله رب العالمين.